119

يضل الله من يشاء آه ففيه أن الاضلال يستعمل في معان قد فضلناها سابقا ومها الاهلاك والعذاب والتدمير وقد قلنا سابقا أيضا أن قوله تعالى يضل من يشاء مستعمل في هذا المعنى أي الله تعالى يهلك ويعذب بالكفر من يشاء من الذين ضلوا عن الثواب وطريق الجنة بسببه فيهلكوا وكل ما في القرآن من الاضلال المنسوب إلى الله تعالى فهو بمعنى ما ذكرناه من الوجوه ولا يجوز أن يضاف إلى الله تعالى الاضلال الذي أضافه إلى الشيطان وإلى فرعون والسامري بقوله ولقد أضل فرعون قومه وقوله وأضلهم السامري وهو أن يكون بمعنى التغليط والتلبيس والتشكيك والإيقاع في الفساد والضلال وغير ذلك مما يؤدي إلى الظلم والجور تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وبهذا ظهر أنه لا دلالة لصرايح ما ذكره الناصب وأما ذكره من أن قول الجبائي ومن شك في كفره فهو كافر يدل على غاية تعصبه وأنه لم يكفر لأجل الخطأ في الاعتقاد آه فغير مسلم ولم لا يجوز أن يكون معتقد البداهة ذلك على وجه لا يعذر القايل بذلك ولا السامع الشاك فيه وهل هذا الاجتهاد أدنى مرتبة في الصحة من اجتهاد طلحة وزبير وعايشة ومعاوية في بغيهم وخروجهم على إمام الزمان بشبهته الاحتساب عن قتلة عثمان كما صححه الناصب سابقا وحكم لهم بالخطأ الموجب للثواب دون الإثم والعقاب فكيف يكفر الجبائي بذلك مع عدم تفسيقه لهؤلاء بكفرهم الصريح لقوله (ع) يا علي حربك حربي وسلمك سلمي إلى غير ذلك من أدلة النقل والعقل وأما ما أنشده من البيتين فهما في محاذاة بيتين ذكرهما الزمخشري في الكشاف وقد أحرق بهما جاعرة الأشاعرة وجاعتهم الفاجرة المتلسمين؟ بأهل السنة والجماعة حيث قال شعر لجماعة سمو اهواهم سنة وجماعة حمر لعمري موكفه قد شبهوه بخلقه وتخوفوا شنع الورى فلستتروا بالبلكفة وقد أجاب عنه جماعة من أهل السنة والجماعة على ما نقل في تفسير القاضي البيضاوي وحاشية الكشاف للفاضل التفتازاني وقد تصديت الرد عليها قبل هذا بأبيات لطيفة فنذكرها مع ما سنح لي من الرد عليها ثم نذكر ما أنشده الناصب ونعارضه بما سنح لنا عند تحرير هذا المقام بديهة فالذي ذكره القاضي من أجوبة أصحابه هو ما قيل شعر عجبا لقوم ظالمين تلقبوا بالعدل ما فيهم لعمري معرفة قد جاءهم من حيث لا يدرون تعطيل ذات الله مع نفي الصفة فقلت في معارضته ورده شعر عجبا لجمع خربوا سنن النبي فتلقبوا بتسنن للمعرفة قد جاءهم من حيث لا يدرونه كفر المجوس بقولهم قدم الصفة قد لزم التعطيل إذ لم يفهموا نفي الصفات فما لهم من معرفة وأجاب كمال الدين مظفر من أهل السنة بقوله شعر لجماعة كفروا برؤية ربهم ولقائه حمر لعمري مؤكفه هم عطلوه عن الصفات وعطلوا عنه الفعال فيا لها من منكفه هم نازعوه الخلق حتى أشركوا بالله زمرة حاكة واساكفة هم غلقوا أبواب رحمته التي هي لا يزال على المعاصي موكفة لهم قواعد في العقايد رذلة ومذاهب مجهولة مستنكفة فالله أمطر من سحاب عذابه وعقابه أبدا عليهم أو كفه وقلت أيضا في معارضته ورده شعر لجماعة قالوا برؤية ربهم جهرا هم حمر لعمري مؤكفه؟ قد خيلوا في الصفات معطلا عنه الفاعل فما لهم من معرفة وتمجسوا في الدين بل صاروا أضل إذا ثبتوا قدماء تسعة في الصفة هم وصفوه بأفعال قبيحة قد يأباه زمرة حالكة واساكفه بالجبر قد فتحوا باب المعاصي إذ لولاه كان الخلق عنها موكفة لهم مسايل في العقول سخيفة ومذاهب مردودة مستقذفة يحشو كتاب الله من تأويلهم لعلى وجوههم ترابا موجفة وكذا تبكي الأحاديث التي استوضعوها نصرة نلفقة؟

فالله أمطر من سحاب عذابه وعقابه أبدا عليهم أو كفه وأجاب شمس أئمتهم الكروري بقوله أوليس يعلم ربنا بالبلكفة؟ لا بد من تسليمها في المعرفة أولا فتكذيب النصوص وعجزه لكن أبواب الهداية موجفة وقلت أيضا في رده شعر أولست تعليم أن علم الهنا قد تابع المعلوم عند المعرفة فالعجز والتكذيب ليس بلازم إلا لناقص عقلك يا كامل السفه وأجاب القاضي البيضاوي بقوله الجور والشرك عين الاعتزال فلا يغررك دعواهم عدلا وتوحيدا قد أشركوا الخلق بالخلاق حيث قضوا للعبدان يجعل المعدوم موجودا وقلت في رده أيضا شعر الجور والشرك شأن المجيرين فلا يعررك دعواهم الإسلام والدنيا قد أثبتوا التسع اربا بالهم فراؤ جواز تعذيب ذا الرب النبينا وقلت أيضا في رده بوجة آخر أمامك خال عن شهور وفطنته وإن كان يدعى شعير با مجهرة لقد ظن توحيدا وعدلا مؤديا بشرك وجور من قصور لفطرة ولو كان إشراك الخلايق مطلقا مع الرب شركا فهو عالم البينة وإلا فلا إشراك لو قال قايل بإيجادهم بعض الأمور بقدرة وقد أنشدت في رد الناصب مخاطبا له شعر يا من هويت جماعة قد صدقوا في النصب انصابا ثلثا بهة أثبت تسعا من قديم مضعفا ما للنصارى من ثلث آلهة هذا وما أشار إليه في شعره المذكور من أن الإمامية والمعتزلة أشركوا العباد مع الله تعالى قي قولهم بأن أفعال العباد مخلوقة لهم كلام ساقط قدموه به الفاضل التفتازاني في شرحه على العقايد حيث أورد على نفسه في بحث الكسب بقوله فإن قيل قد أثبتم بإثبات كسب العبد لفعله ما نسبتم إلى المعتزلة من إثبات الشرك ثم أجاب عنه بقوله قلنا الشركة أن يجتمع اثنان على شئ واحد وينفرد كل منهما بما هو له دون الآخر كشركاء القرية والمحلة وكما إذا جعل العبد خالقا لأفعاله والصانع خالقا لساير الأعراض والأجسام بخلاف ما إذا أضيف المرى شيئين بجهتين مختلفتين كالأرض يكون ملكا لله تعالى بجهة التخليق وللعباد بجهة ثبوت التصرف وكفعل العبد ينسب إلى الله تعالى بجهة الخلق وإلى العبد بجهة الكسب انتهى ويتوجه عليه أن الشركة بالمعنى الذي ذكره حاصل فيما نحن فيه أيضا على طريقتكم لأنه اجتمع الخالق والكاسب في الأفعال وانفرد الواجب بالخلق والكاسب بالكسب ولا يرد أن الكسب أمر اعتيادي لأن مسألة خلق الأعمال شامل للأمور الاعتبارية ولهذا جعلوا الكفر من أفراد هذه المسألة وأيضا نقول لا يخ أما أن يراد من الشركاء المفردين بكل المنفردين بكل المنفردون لوجوه حيث لا يحتاج أحدهم إلى الآخر بوجه من الوجوه حتى بالدرهم الذي اتفق كونه بسبب تمليك حضته مثلا والأعم من أن يحتاج بهذا الوجه أو لا يحتاج فإن كان الأول فالشركة غير منحصرة فيه لأن زيد الوتكدى من عمر وردها واشترى به قرية بمشاركته فهو شريك له بلا شبهة وإن كان الثاني فلا تم عدم شركة العبد مع الله تعالى إن كان الصرف والكسب من العبد ولا ينافي الشركة لما عرفت وأن يكن فالجبر المحض واقع لا محالة

Page 311