فتحة تَخرُجُ منها الأجزاءُ الصغيرة التي تُفرَّغُ من ثَقْب الجلد. وهي على بساطها تَقُوم على هندسةٍ دقيقة، فكانت تنكسر معهم هذه الثَّقَّابات أثناء عملها في ماكِنَةِ خِياطةِ الجلود كما تنكسر إبرةُ الخياطة. فكان يصنعها لهم بكثرة.
وقد طلبتُ أنا منه مرةً أن يصنع في واحدة على عيني ويضع لها قَبضةً خشبية لأستعملها في ثَقْبِ ثُقوبِ في حِزام البَنْطَال إذا احتَجتُ، فقام وأنا عنده فأخذ من صندوق القطع قضيبًا مَعْدِنيًا (سِيْخًا) من (الأسياخ) التي تُثبَتُ على قُطبِ عَجَلاتِ الدرَّاجة الهوائية، لتَسْنُدَ إطارَ العجلة فلا ينضغطَ فتختلَّ استدارتُه عند ركوبها.
وهذه (الأسياخ) هي من الفولاذ القاسي القوي، فقص أمامي منه قطعة بطول سنتيمترين، ثم عرضها على نارِ مِصباحٍ كُحُولي حتى حَل سِقَايتها لتَذهبَ قساوتُها، ثم تابَع صُنعهَا أمامي وفرَّغ نصفَها الأسفل بمِثقب من صُنعِه هو، وهكذا تابع صُنعَها مرحلةً مرحلة مما يَطُول شرحُه، وصَنَع لها قَبضةَ خشبيةَ، وركَبط للقَبضةِ سِوَارًا مَعدَنيًا واقيًا، وأعطاني إياها. وقد استغرق صُنعُها معه مقدار ساعتين!!.
٦ - ومن أهم مزاياه التي تميز بها بالبراعة واشتَهر بها: أنه كان (ساعاتيًا)، خبيرًا بصيرًا بالساعاتِ على اختلافِ أنواعها وحُجُومها، يَعرف الآلاتِ الدقيقةَ في الساعة ووظائفَ تلك الآلات، ويُحسِنُ تمييزَ الساعة المتينة الثمينةِ والسخيفةِ السريعةِ العطبِ متى فَتَحها ونَظَر آلاتها.
لماذا استعصى على الساعاتية في حلب إصلاح ساعة توقَفت، أو احتاجوا إلى قطعةِ غِيار لها غيرِ موجودة، كانوا يلجؤون إليه فيقوم بإصلاحها، أو يَصنَعُ لهم قطعةَ الغِيار المطلوبة.
وقد كنتُ أعتمدُهُ في إصلاح جميع الساعات التي أستعمِلُها سواء اليدوية التي أحملها، أو البيتية التي تعلق على الجدار. وكان يقول في: قلَّما تُسَلَّمُ ساعةٌ إلى ساعاتي ليُصلِحها إلأ ويُحدِثُ بها ضررًا، لأنهم جهلاء، فالساعاتي يجبُ أن يكون خبيرًا في علم الميكانيكا، لأنَّ الساعة وعَمَلها قائمانِ على هذا العلم.
والساعات النسائية الصغيرة جدًا مما لا يتجاوز قُطْرُها الخارجي خمسةَ عَشَر