أجل يا ثريا، ما أحلى ذكراك في نفسي! وكم من مرة كنت آوي إلى سريري مهموما أو مغضبا فأتخيلك راقدة إلى جانبي، في أنوثتك وعذوبتك، فأنسى همومي وغضبي، وأهوي على وجهك بالقبل، وآخذك بين ذراعي سعيدا منتشيا.
وعندما أتأمل حياتي الماضية أحس كأنها كانت كلها كتابا من النثر قد خلا من طرب الإيقاع، إلا بضعة أبيات من الشعر، هي تلك الأيام القليلة التي كنت ألقى فيها ثريا في الحديقة.
وهأنذا قد مضى علي ثلاث سنوات وأنا متزوج، ومع ذلك ما أعذب هذا الإحساس الذي تمتلئ به نفسي ويختلج به جسمي!
إني أحس كأن زواجي هذا هو الثاني، وأن ثريا كانت زوجتي الأولى.
كيف يتكون هذا الإحساس مع أن كل ما عرفته منها ثلاث مقابلات في الحديقة، كانت كلها نظرات وتنهدات؟!
أليس حقا أن دنيا الخيال التي نبنيها تحيا معنا وترافقنا، وتؤنس حياتنا، كما لو كانت ودنيا الحقيقة سواء.
أيها القارئ،
عندما تذهب إلى هذه الحديقة التي بالشاطئ الغربي للنيل، شمال جسر قصر النيل، لا تنس أن تيمم الجزء الشمالي منها؛ شمال بغرب، وهناك تجد مقعدا منفردا نائيا، فاقعد عليه، واستعد هذه الإحساسات التي ذكرتها لك، وعش لحظة من السعادة التي استمتعت بها أنا وثريا، واستمع إلى الأشجار والهواء والسماء والأرض وهي تغني كما كانت تغني لنا.
إنها ذكرى لن ينساها قلبي!
الفصل السادس
Unknown page