Idara Islamiyya Fi Cizz Carab
الإدارة الإسلامية في عز العرب
Genres
لا أقيد، وقد رأيت رسول الله يقيد من نفسه. قال: فدعنا فلنرضه، قال: دونكم فأرضوه. فافتدى منه بمائتي دينار كل سوط بدينارين، وقال من ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له علي إلا أن يرفعها إلي حتى أقصه منه. فقيل له: أرأيت إن أدب أمير رجلا من رعيته أتقصه منه؟ فقال: وما لي لا أقصه منه، وقد رأيت رسول الله يقص من نفسه.
وكان يستدعي عماله ليطلع على مطاوي نفوسهم، ويكشف بنفسه إن كانوا أخذوا أنفسهم بأسباب النعيم؛ لأن عمر يؤثر الخشونة
15
ويريد عماله أن يتبعوه في سائر أفعاله وشيمه وأخلاقه، فكان كل يتشبه به من غاب أو حضر، وهو يلبس الجبة الصوف المرقعة بالأديم وغيره، ويشتمل بالعباءة، ويحمل القربة على كتفه مع هيبة قد رزقها، وكذلك كان عماله مع ما فتح الله عليهم من البلاد وأوسعهم من الأموال، وكان ينهى عماله عن جيد الملبوس والمركوب والمأكول، ويلتف في
16
كسائه، وينام في ناحية المسجد، فلما ورد بالهرمزان صاحب تستر عليه، جعلوا يسألون عنه، فيقال: مر ههنا آنفا. فيصغر في قلب الهرمزان إذ رآه كبعض السوقة حتى انتهى إليه وهو نائم في ناحية المسجد فقال الهرمزان: هذا والله الملك الهنيء. يقول: لا يحتاج إلى حراس ولا عدد، فلما جلس عمر امتلأ قلب العلج
17
منه هيبة لما رأى عنده من الجد والاجتهاد، وألبس من هيبة التقوى. قالوا: وكان أبا العيال
18
يسلم على أبوابهن، ويقول: ألكن حاجة، وأيتكن تريد أن تشتري شيئا؟ فيرسلوه معه بحوائجهن، ومن ليس عندها شيء اشترى لها من عنده، وإذا قدم الرسول من بعض الثغور يتبعه بنفسه في منازلهن بكتب أزواجهن، ويقول: أزواجكن في سبيل الله وأنتن في بلاد رسول الله، إذا كان عندكن من يقرأ وإلا فاقربن من الأبواب حتى أقرأ لكن. ثم يقول: الرسول يخرج يوم كذا وكذا فاكتبن حتى نبعث بكتبكن. ثم يدور عليهن بالقراطيس والدواة، يقول: هذه دواة وقرطاس فادنين من الأبواب حتى أكتب لكن. ويمر إلى المغيبات فيأخذ كتبهن فيبعث بها إلى أزواجهن.
Unknown page