انزل إلى الحفرة الرطبة الباردة أيها الجسد الناحل وقد تراخت قوائمك عن حملك، لعلهم يصدقونك وأنت ممدد في اللحد إذا كانت الشكوك تؤمن بالموت.
ويحك أيها الشبح الحزين! إلى أي شاطئ من شواطئ العذاب تترامى معولا باكيا؟ أية نار تشب بين عظامك فتقف واضعا خططا لرحيل وأسفار وإحدى رجليك ناشبة في ثلمة القبر؟
مت أيها الشبح، وليشهد الله أنك ما أردت إلا أن تجود بحبك. أية قوة من الوجد أثاروا في فؤادك؟ وإلى أي حلم قذفوا بخيالك ليجرعوك أخيرا هذا الزعاف القاتل؟
أية جناية ارتكبت حتى تهب هذه الحمى المحرقة فيك؟ وأية ثورة تجتاح روح هذا العربيد الذي يدفعك برجله إلى الحفرة ومن شفتيه تتدفق كلمات الغرام؟
إذا أنت بقيت في الحياة، أيتها المرأة، فإلى أين مصيرك؟ ألم يحن حينك؟ أما كفاك الدهر عذابا؟
أي برهان يطلب منك لتصديقك إذا كنت أنت البرهان الحي تكذبين في شهادتك على نفسك. أبقي عذاب لم تقتحميه؟ فأية تضحية تعدين لإطفاء أوار هذا الحب الذي لا يرتوي؟
إنك ستصبحين أضحوكة تفتش عبثا عن طريق مهجور تفزع إليه كيلا يشير إليك الناس بأصابعهم مقهقهين ...
ستفقدين الحياء فتتعرين حتى عن مظهر هذه الفضيلة المتحطمة، ولطالما عزت عليك من قبل، وسيكون الرجل الذي تلتحفين بالعار من أجله أول من يمد يده للاقتصاص منك فيزجرك؛ لأنك وقفت الحياة عليه، وتحديت المجتمع في سبيله، وعندما يتهامس أصدقاؤك حولك يتفرس في ملامحهم ليرى ما إذا كانت الشفقة قد تجاوزت حدودها في نظراتهم. إنه ليتهمك بالخيانة إذا امتدت يد لتصافح يدك عندما تعثرين في صحراء حياتك على أحد يمكنه أن يمر بك فيشفق عليك.
يا الله! أتذكرين اليوم الذي وضع الناس فيه على رأسك إكليلا من الورود البيضاء، أهذا هو الجبين الذي تزين ببياض تلك الورود؟ فيا ليت هذه اليد التي علقت الإكليل على جدار المعبد قد تناثرت رمادا قبل سقوط وريقاته الذاوية.
أي وادي الجميل! أي عمتي المحنية تحت وقر السنين، الراقدة الآن بسلام في لحدها! أي أشجار الزيزفون أشجاري! أي جديي الأبيض الصغير! أي ابنا مزرعتي، لقد أحببتموني جميعا، فهلا ذكرتم الزمان الذي رأيتموني فيه سعيدة فخورة محترمة؟
Unknown page