فصل (٣٩)
(قال القاضي أبو بكر (١): القول عندي: أن الكفر بالله هو الجهل (٢) بوجوده، والإيمان بالله هو العلم بوجوده، وأنه لا يكفرُ أحدٌ
(١) هو القاضي أبو بكر ابن الباقلاني.
انظر: نسيم الرياض للخفاجي (٤/ ٥٦٠)، وشرح الشفا لملا علي قاري (٢/ ٥٢٨).
(٢) عرّف الباقلاني الكفر بأنه: الجهل بالله تعالى، وهذا قريب من قول الجهم بن صفوان، وأبي الحسن الأشعري، وجمهور أصحابه. والباقلاني - كما هو واضح من كلامه - يحصر الكفر في الجهل بالله، والمؤمن الذي يرتكب مكفرًا، لا يكفر بهذا العمل، وإنما هذا العمل علامة دالة على كفر هذا الإنسان؛ وذلك لجهله بالله تعالى.
وقوله هذا ظاهر البطلان، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في منهاج السنة (٥/ ٢٥١):
(والناس لهم فيما يجعلونه كفرًا طرق متعددة، فمنهم من يقول: الكفر تكذيب ما علم بالاضطرار من دين الرسول، ثم الناس متفاوتون في العلم الضروري بذلك. ومنهم من يقول: الكفر هو الجهل بالله تعالى، ثم يجعل الجهل بالصفة كالجهل بالموصوف، وقد لا يجعلها، وهم مختلفون في الصفات نفيًا وإثباتًا. ومنهم من لا يحده بحد، بل كل ما تبين له أنه تكذيب لما جاء به الرسول من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر جعله كفرًا إلى طرق أخرى. ولا ريب أن الكفر متعلق بالرسالة، فتكذيب الرسول كفر، وبغضه وسبه وعداوته مع العلم بصدقه في الباطن كفر عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة العلم؛ إلا الجهم، ومن وافقه كالصالحي، والأشعري، وغيرهم).
ويقول ابن القيم ﵀ في مفتاح دار السعادة (٢/ ٣٩٤) - مبينًا خطأ هؤلاء -: (فليس عندهم الكفر إلا مجرد الجهل، ومن تأمل القرآن والسنة، وسير الأنبياء في أممهم =