Iclam Bima Fi Din Nasara

Al-Qurtubi d. 671 AH
76

Iclam Bima Fi Din Nasara

الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام

Investigator

د. أحمد حجازي السقا

Publisher

دار التراث العربي

Publisher Location

القاهرة

شَيْئا فَلَا يُوجد الْخلق وَقد وجد الْخلق فَدلَّ ذَلِك على أَن الْإِلَه وَاحِد لَا شريك لَهُ وَلَا إِلَه غَيره ثمَّ نقُول عباد الْأَصْنَام والأوثان أشبه حَالا مِنْكُم لأَنهم فِي عباداتهم إِنَّمَا كَانُوا يعْبدُونَ أصنامهم ليقربوهم إِلَى الله زلفى وَأَنْتُم إِنَّمَا تَعْبدُونَ هَذِه الآلهه لِأَنَّهَا أَرْبَاب من دون الله متقربون مِنْهَا وَهَذِه جهالات بَيِّنَة وضلالات ظَاهِرَة عميت عَنْهَا بصائركم فأفطرت عَلَيْهَا قُلُوبكُمْ وأعجب من ذَلِك لكه قَوْلك الْعقل وَالْحق لَا يعيب الواسط أما من قَالَ هَذَا فقد خرج عَن غريزة الْعقل وَتارَة وَقع فِي مفازة الْجَهْل فَإِن الْعقل الصَّرِيح يشْهد بضرورته بِإِبْطَال الْوَاسِطَة وَأما الْحق فَهَذِهِ كتب الْأَنْبِيَاء بَين أَيْدِينَا وَأَيْدِيكُمْ فَفِي أَي كتاب مِنْهَا أَن الْآلهَة خَمْسَة أَنَّهَا تدل كلهَا على أَن الْإِلَه وَاحِد وَلَا ولد لَهُ وَلَا وَالِد ﴿وَمَا يَنْبَغِي للرحمن أَن يتَّخذ ولدا إِن كل من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا آتِي الرَّحْمَن عبدا﴾ وستقدم فتعلم وَأَنت قد اضْطَرَبَتْ فِي هَذَا الْفَصْل وَلم يثبت لَك فِيهِ فرع وَلَا أصل وَالْكثير مَعَ من لَا يعقل عمل من لَا يحصل وَأما قَوْلك وَأَنْتُم لما أوجبتم أَن الْأمة تحاسب بعملها يَوْم الْقِيَامَة أَن محاسبها يخاطبها يَوْم الْقِيَامَة ويكافئها بأعمالها فقد كَانَ يَنْبَغِي لَك أَلا تحتج بِشَيْء لم يثبت عنْدك أَصله وَلَا تصدق بنقله ثمَّ لَا حجَّة لَك فِي شَيْء مِمَّا ذكرته وَذَلِكَ أَن محاسبة الله تَعَالَى للعباد فِي الدَّار الْآخِرَة مِمَّا يجب الْإِيمَان بهَا وَمِمَّا قد تواردت عَلَيْهِ الشَّرَائِع أما بالتصريح وَإِمَّا بالإيماءات والتلويح وَذَلِكَ يكون ولابد وَلأَجل مجازاة الْعباد بأعمالهم فِي الدَّار الْآخِرَة خلق الله الْخلق وَبسط الرزق وَأرْسل الرُّسُل وَأنزل الْكتب ﴿أفحسبتم أَنما خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا وأنكم إِلَيْنَا لَا ترجعون﴾ ومحاسبة الله لِلْخلقِ تكون على وُجُوه جَائِزَة فِي الْعقل وَإِرَادَة فِي النَّقْل لَا تحْتَاج إِلَى شَيْء مِمَّا تخيلته مِنْهَا أَن العَبْد يُوقف فِي مَوضِع الْفَصْل وَالْقَضَاء فَيعْطى كتابا أحصيت فِيهِ أَعماله وَيُقَال لَهُ ﴿اقْرَأ كتابك كفى بِنَفْسِك الْيَوْم عَلَيْك حسيبا﴾

1 / 122