155

Al-Iʿlām bimā fī dīn al-naṣārā min al-fasād waʾl-awhām wa-izhār maḥāsin al-Islām

الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام

Investigator

د. أحمد حجازي السقا

Publisher

دار التراث العربي

Publisher Location

القاهرة

فمحلول فِي السَّمَاء وَأما خوارق الْعَادَات فقد كَانُوا يحيون الْمَوْتَى ويبرءون المرضى كَمَا كَانَ يَفْعَله عِيسَى ﵇ وَذَلِكَ مَعْرُوف من حَالهم
قُلْنَا مَا ذكرتموه عَن عِيسَى ﵇ من الشَّهَادَة فَلَا يَصح لكم الإستدلال بِشَيْء مِمَّا ذكرتموه لوجوه
أَحدهَا أَنكُمْ أسندتم ذَلِك إِلَى الْإِنْجِيل واستدللتم على صدقهم بِمَا جَاءَ عَنْهُم فِيهِ وَمَا جَاءَ عَنْهُم فِيهِ لَا يثبت حَتَّى تثبت عصمتهم فَلَا يثبت بِمَا ذكرتموه لَا الْإِنْجِيل وَلَا عصمتهم
الْوَجْه الثَّانِي أَنا لَو سلمنَا ذَلِك لكم لما كَانَ فِيمَا ذكرتموه حجَّة لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْء مِنْهَا ينص على أَنهم معصومون فِيمَا أخبروا بِهِ على الْإِطْلَاق وَغَايَة مَا ذكرتموه أَن يدل على أَنهم يعانون ويؤيدون مِمَّا يبلغون عَن عِيسَى فِي بعض الْأَوْقَات أَو فِي بعض الْأَخْبَار وَالْأَحْوَال
وَالْوَجْه الثَّالِث أَن مَا ذَكرُوهُ معَارض بِمَا نقلوه أَيْضا وَذَلِكَ أَنهم نقلوا فِي الْإِنْجِيل أَنه قَالَ للحواريين يَا نسل التشكيك وَالْكفْر إِلَى مَتى أكون مَعكُمْ وَإِلَى مَتى أحتملكم وَأما مَا قَالَ لبطرس فَهُوَ أَيْضا معَارض بِمَا حكيتم عَنهُ أَنه قَالَ لَهُ تَأَخّر يَا شَيْطَان فَإنَّك جَاهِل بمرضات الله
وَأما مَا ادعوهُ من معجزاتهم فَلم ينْقل مِنْهَا شَيْء على التَّوَاتُر وَإِنَّمَا هِيَ أَخْبَار آحَاد غير صَحِيحَة وَلَو سلمنَا أَنَّهَا صحت لما دلّت على صدقهم فِي كل الْأَحْوَال وعَلى أَنهم أَنْبيَاء فَإِن الْقَوْم لم يدعوا النُّبُوَّة لأَنْفُسِهِمْ وَإِنَّمَا ادعوا التَّبْلِيغ عَن عِيسَى ﵇ فَظهر من هَذَا الْبَحْث أَن الْإِنْجِيل الْمُدعى لم ينْقل تواترا وَلم يقم دَلِيل على عصمَة ناقليه فَإِذن يجوز الْغَلَط والسهو على ناقليه فَلَا يحصل الْعلم بِشَيْء مِنْهُ بل وَلَا غَلَبَة الظَّن فَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَلَا يعول فِي الإحتجاج عَلَيْهِم

1 / 205