قضية كلام هؤلاء: أنه لا فرق بين أن يؤول أو لا، كما سيتضح لك من كلامهم الذي أذكره عنهم.
فإن قلت: قد خالف ذلك النووي نفسه في الأذكار، فقال: يحرم تحريمًا غليظًا.
قلت: لا مخالفة، فإن إطلاق التحريم في لفظ لا يقتضي أنه لا يكون كفرًا في بعض حالاته، فعبارة الأذكار لا تنافي عبارة الروضة وغيرها، على أن الكفر يحرم تحريمًا غليظًا فتكون عبارة الأذكار شاملة للكفر أيضًا، ونكتة التعبير بالتحريم الغليظ قصد الشمول للحالة التي يكون فيها كفرًا وغيرها.
وإذا تأملت هذا التقرير ظهر لك حسن ما فعلته في الجواب المذكور من قولي: فيعزر إلى آخره ...، حيث فرّعت على التحريم ولم أفرّع على الكفر، لأن التحريم هو الأمر المحقق، وأما الكفر فقد يوجد عند عدم التأويل، وقد لا يوجد، ولم نعلم أن قائل ذلك لم يؤول، فتعيّن التفريع على الأمر المحقق، وطرح الأمر المشكوك فيه، وبهذا اندفع الاعتراض السابق، وهو: كيف يفرع التعزير على الحكم بالكفر؟ وسيأتي لذلك مزيد.
فإن قلت: يؤيد ما في الأذكار قول ابن المنذر في الإشراف في باب
1 / 51