أحسب أحدًا يقوله، وإنما يريد أنك تَفْسق وتفعل مع عبادتك ما هو فسق، لا أن عبادتك فسق، وأيضًا فكيف يحكم عليه بالكفر بإطلاق هذه الكلمة المحتملة للكفر واحتمال غيره أكثر وأظهر؟ وإنما يصح المعنى الذي ذكره لو قال يهودي أو نصراني لمسلم: "يا كافر" فهذا بلا شك لا يريد إلا أن دينك وهو دين الإسلام كفر، وأما المسلم فلا يريد هذا أصلًا. انتهى كلام الفتى.
ولك ردّه بأنه مبني على ما زعمه من أن معنى لفظه ما ذكره، وليس معناه ما زعم، بل معناه: يا متصفًا بالكفر، وهذا كما ترى صادق بأن ما اتصفت به من الإسلام يسمى كفرًا، وبأنك لم تتصف بالإسلام من أصله، وهو الذي زعمه، ولا أثر لكون هذا الثاني هو الذي يغلب قصده بهذه الكلمة؛ لأن وصفه له بالكفر مع مشاهدة الإسلام منه وعدم تأويله قرينة ظاهرة على تسمية الإسلام كفرًا، فعلمنا بما دل عليه لفظه صريحًا بواسطة القرينة المذكورة، وألغينا النظر إلى ما يُقصد بهذه الكلمة بين الناس؛ لأن هذا لا تعويل عليه في هذا الباب. وقلنا له: أنت حيث أطلقت هذا اللفظ ولم تؤول كنت كافرًا لتضمن لفظك تسمية الإسلام كفرًا، وإن كنت لم تقصد ذلك لأنا إنما نحكم بالكفر باعتبار الظاهر، وقصدك
1 / 63