قوله في الباب الخامس من الرحلة المعقود لذكر زيارة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الفصل الأول منه : قد اختلفت فيها أقوال أهل العلم فذهب الجمهور إلى أنها مندوبة ، وذهب بعض المالكية وبعض الظاهرية إلى أنها واجبة ، وقالت الحنفية أنها قريبة من الواجبات ، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنها غير مشروعة وتبعه على ذلك جمع من المحدثين ، وروي ذلك عن مالك والجويني والقاضي عياض . انتهى .
وفيه أن ظاهر كلامه ينادي على أنه يذكر الاختلاف في نفس الزيارة لا في السفر إلى المدينة بقصدها ، وحينئذ فذكر خلاف القاضي عياض وغيره فيه خلط بحث ببحيث آخر ، وتوضيحه أن هاهنا أمرين :
أحدهما : نفس زيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
والثاني : السفر إلى المدينة بقصد الزيارة .
وأحدهما لا يستلزم ثانيهما ، فقد يوجد الأول بدون الثاني كما للمقيم في المدينة الطيبة ، والآفاقي إذا سافر إلى المدينة بقصد زيارة المسجد النبوي الذي هو(1)أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال المشار إليه بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة(2)مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى" . أو سافر إلى المدينة بقصد طلب العلم أو لملاقاة الأحباب أو للسياحة إلى غير ذلك من الأغراض المجوزة للسفر ، فزار قبر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
Page 70