وأما ثانيا فلأن تعريف المجادلة بما ذكره من أنها هي المنازعة لا لإظهار الصواب بل لإلزام الخصم وإن كان مذكورا في " الشريفية" وغيرها ، لكنه مخدوش بعدم كونه جامعا لعدم صدقه إلا على المجادلة السائلية .
ومن المعلوم أن المجادل كما أنه يكون سائلا يكون مجيبا أيضا ، والمجيب المجادل ليس غرضه إلزام الخصم بل غرضه السلامة من إلزام الخصم نص عليه(1) القطب الرازي صاحب " المحاكمات" وصاحب " الأداب الباقية".
وأما ثالثا : فلأن المجادلة والجدل بالمعنى الذي ذكره ينافي المناظرة لكونها بقصد إظهار الصواب ، وقد نفى ذلك في المجادلة فلم يتنبه لذكرهم النظار في توصيفه الدال على أنه قاصد لإظهار الصواب في بحثه ، فمع ذلك كيف يصح جدله بالمعنى الذي ذكره وإلا تلزم المنافاة البينة ، والتزامها أشنع من التزام التكرار الذي فر عنه ، فحق أن يقال في حقه فر من المطر وقام تحت الميزاب .
وأما رابعا فلأنه ليس المراد بقولهم الجدلي ما توهمه بل المراد بالجدل علم الجدل والخلاف ، وهو من فروع أصول الفقه ، داخل تحت المناظرة والاتصاف به من الكمالات الإنسانية .
Page 63