98

أدركت جولييت أن أي سيطرة لديها على المقابلة، وعلى نفسها، بدأت في الترنح، وربما تكون قد فقدت تماما. «إنه ليس رأيي يا جولييت، إنه رأي بينيلوبي؛ فهي فتاة محببة إلى النفس وتتمتع بالفراسة، ولكنها أتت إلى هنا وهي تشعر بنهم بالغ؛ نهم للأشياء التي لم تكن متاحة لها في المنزل؛ فأنت كنت مشغولة بحياتك الرائعة الناجحة ... ولكنني يجب أن أخبرك يا جولييت أن ابنتك كانت تشعر بالوحدة. لقد عرفت طريقها إلى التعاسة.» «ألا يمر معظم الناس بهذه المشاعر في مرحلة ما من عمرهم؟ الوحدة والتعاسة؟» «لست الشخص الذي يمكنه معرفة ذلك. آه يا جولييت، أنت امرأة تملك بصيرة نافذة؛ فلطالما شاهدتك بالتليفزيون، وكنت أتساءل كيف يمكنك الوصول لجوهر الأمور بهذه الطريقة وتعاملين الناس في الوقت نفسه بكل هذا العطف والأدب؟ لم أظن قط أنني سأتحدث إليك يوما وجها لوجه. والأكثر من هذا، أنني سأكون في وضع يمكنني من مساعدتك.» «أعتقد أنك ربما تكونين مخطئة بهذا الشأن.» «أنت تشعرين أنك مجروحة. من الطبيعي أن تشعري بالجرح.» «هذا شأني وحدي أيضا.» «آه حسنا. ربما ستهاتفك بالرغم من كل شيء.» •••

وقد هاتفت بينيلوبي جولييت بالفعل، بعد بضعة أسابيع؛ فقد تسلمت بطاقة تهنئة في يوم ميلاد بينيلوبي، التاسع عشر من يونيو، كان عيد ميلادها الحادي والعشرين، كانت من نوعية البطاقات التي ترسلها لأحد معارفك ممن لا تعرف أذواقهم؛ فهي لم تكن بطاقة بسيطة مازحة، ولا بطاقة تعكس فطنة وذكاء، ولا عاطفية. ففي الجهة الأمامية منها كان هناك صورة لباقة من زهور الثالوث مربوطة بشريط أرجواني والذي يشكل ذيله عبارة عيد ميلاد سعيد. وكانت هذه الكلمات مكررة بالداخل مسبوقة بعبارة أتمنى لك.

ولم يكن هناك توقيع. ظنت جولييت في البداية أن شخصا ما أرسل هذه البطاقة لبينيلوبي، ونسي أن يوقعها، وأنها - جولييت - فتحتها على سبيل الخطأ. شخص لديه اسم بينيلوبي وتاريخ ميلادها في ملف ما. ربما يكون طبيب أسنانها أو معلم القيادة. ولكنها عندما فحصت الكتابة على الظرف، رأت أنه لم يكن هناك خطأ ... فاسمها كان منسوخا بخط يد بينيلوبي نفسها.

وأختام البريد لم تعد تدلك على أي شيء؛ فجميعها يقول بريد كندا. تراءى لجولييت أنه لا بد وأن هناك طرقا لمعرفة من أي مقاطعة ورد الخطاب على الأقل، ولكن كي تفعل هذا، عليك سؤال موظفي مكتب البريد، الذهاب إلى هناك ومعك الخطاب، وعلى الأرجح سوف يسألونك بجدية عن سبب الاستفسار؛ مدى أحقيتك في معرفة هذه المعلومات، وسوف يتعرف عليها أحد لا محالة هناك. •••

ذهبت لرؤية صديقتها القديمة كريستا، والتي كانت تعيش في ويل باي، عندما كانت هي الأخرى تعيش هناك، حتى قبل مولد بينيلوبي. كانت كريستا في كيتسيلانو، في دار رعاية المعاقين؛ فكانت تعاني من تصلب الشرايين المتعدد. كانت غرفتها بالطابق السفلي، وملحق بها فناء خاص صغير، وقد جلست جولييت معها هناك، وأخذت تنظر إلى المرج الصغير المشمس، ونبات الحلوة اليانع الذي يغطي السور والذي حجب صفائح القمامة.

قصت جولييت على مسامع كريستا قصة الرحلة إلى جزيرة دينمان كاملة، ولم تخبرها لأحد آخر، وتمنت لو أنها لم تضطر أن تخبر بها أحدا. في كل يوم في طريق عودتها للمنزل من العمل كانت تتساءل ما إذا كانت بينيلوبي تنتظرها في الشقة، أو يكون قد وردها على الأقل خطاب منها. وبعد ذلك لم تجد سوى هذه البطاقة غير الحانية والتي فتحتها بسرعة بينما ترتعد يداها.

قالت كريستا: «إنه يعني شيئا ما، إنه يحيطك علما أنها على ما يرام، سوف يتبع ذلك حدوث شيء ما، سوف يحدث هذا، فقط تحلي بالصبر.»

تحدثت جولييت بمرارة عن الأم شيبتون. هكذا أطلقت عليها في النهاية، بعد أن كانت تسميها البابا جوان أصبحت غير راضية عن هذا الاسم بعد أن فكرت فيه جيدا. قالت، يا لها من امرأة مخادعة! فهي تخفي وراء واجهة دينية معسولة عديمة القيمة قدرا كبيرا من البغض والدناءة. من المستحيل تخيل أن بينيلوبي قد افتتنت بها.

اقترحت كريستا أن بينيلوبي ربما زارت المكان لأنها فكرت في كتابة شيء ما عنه؛ أحد أنواع الصحافة الاستقصائية، عمل ميداني، الزاوية الشخصية - ذلك العمل الشخصي طويل النفس الذي أصبح شائعا اليوم.

قالت جولييت: «تجري تحقيقات لمدة ستة أشهر؟ إن بإمكان بينيلوبي فهم شخصية الأم شيبتون في عشر دقائق.»

Unknown page