كانا قد وصلا إلى مستوطنة صغيرة في الغابات، وعلى أحد الجانبين ظهرت المحطة، وقد طليت باللون الأحمر الداكن، وعلى الجانب الآخر، انتصبت بعض البيوت التي ظهرت باللون الأحمر نفسه. كانت بيوتا أو منازل إيواء لعمال القطارات. وارتفع صوت يعلن أن هناك استراحة لمدة عشر دقائق.
نظفت أرصفة المحطة من الثلوج، وأطلت جولييت برأسها ورأت بعض الأشخاص الذين غادروا القطار، وراحوا يأخذون جولة حوله. لقد كانت تريد أن تفعل مثلهم، ولكن ليس دون معطفها.
نهض الرجل الذي كان يجلس عبر الممر وهبط الدرج دون أن يلتفت حوله. وقد فتحت الأبواب في مكان ما بالأسفل، وجلبت تيارا من الهواء البارد. وتساءل الزوج العجوز عن سبب توقفهم هنا، وعن اسم المكان. على أي حال، ذهبت زوجته إلى مقدمة القطار لتحاول أن تعرف اسم المكان، لكنها لم تنجح في ذلك.
كانت جولييت تقرأ عن طقوس الميناد، يقول دودز إن الطقوس كانت تمارس في المساء، في منتصف فصل الشتاء، وكانت النسوة يصعدن إلى قمة جبل بارناسوس، وعندما تستوقفهن في وقت من الأوقات عاصفة ثلجية، يرسل فريق إنقاذ لهن، ويتم إنزال نساء الميناد بملابسهن التي كانت تبدو صلبة كألواح خشبية؛ حيث يتقبلن إنقاذهن وهن وسط طقوسهم الصاخبة. وكان ذلك بالنسبة لجولييت سلوكا معاصرا، فهو يلقي الضوء على بعض جوانب تصرفات كهنة القداس. هل سيرى الطلبة الأمر على هذا النحو؟ لا ليس من المرجح؛ إنهم من المحتمل أن يرفضوا أي نوع من التسلية، أو الانهماك في أي نشاط، كشأن الطلبة، وأما الذين لا يرفضونه، فإنهم لن يبدوا ذلك.
انطلق نداء للعودة إلى داخل القطار، وتوقف انسياب الهواء النقي، ثم حول القطار مسار القضبان ببطء. رفعت جولييت عينيها لتشاهد ما يجري، ورأت، على بعد مسافة أمامها، القاطرة وهي تختفي عند أحد المنعطفات.
ثم كان هناك تمايل أو ارتجاج؛ ارتجاج عبر القطار بأسره، ثم شعور باهتزاز العربة بشدة، وبعدها توقف القطار فجأة.
جلس الجميع في انتظار أن يتحرك القطار ثانية، ولم يتفوه أحد بكلمة، حتى الزوج الذي كان كثير الشكوى لم يتحدث بشيء. ومرت الدقائق، والأبواب تفتح وتغلق، وتعالت أصوات الرجال، وانتشر شعور بالذعر والقلق، وارتفع صوت يوحي بأنه ذو سلطة من عربة الاستراحة التي كانت أسفلهم تماما، قد يكون صوت محصل القطار، ولكن كان من الصعب سماع ما يقوله.
نهضت جولييت، وذهبت إلى مقدمة العربة وهي تنظر أعلى العربات التي أمامها، وقد رأت بعض الأشخاص يجرون وسط الثلوج.
نهضت إحدى السيدتين اللتين جلستا بمفردهما، ووقفت بجانبها.
قالت السيدة: «كان لدي شعور بأن شيئا ما سيحدث، لقد شعرت بذلك عندما كنا بالخلف حينما توقف القطار. لم أكن أرغب في أن نستأنف هكذا ثانية، لقد شعرت بأن هناك شيئا ما سيقع.»
Unknown page