135

Hujjat Allah Baligha

حجة الله البالغة

Investigator

السيد سابق

Publisher

دار الجيل

Edition Number

الأولى

Publication Year

سنة الطبع

Publisher Location

بيروت - لبنان

ثمَّ الْأَدْنَى قد يخْتَلف باخْتلَاف حالتي الرَّفَاهِيَة والشدة، فَيجْعَل الْقيام ركنا للصَّلَاة فِي حق المطيق، وَيجْعَل الْقعُود مَكَانَهُ فِي حق غَيره. وَأما الْحَد الْأَعْلَى فيزيد كَمَا وكيفا: أما الْكمّ فنوافل من جنس الْفَرَائِض، كسنن الرَّوَاتِب وَصَلَاة اللَّيْل وَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر، وكالصدقات المندوبة وَنَحْو ذَلِك، وَأما الكيف فهيآت وأذكار وكف لَا يلائم الطَّاعَة يُؤمر بهَا فِي الطَّاعَة لتكمل، وَتَكون مفضية إِلَى الْمَقْصُود مِنْهَا على الْوَجْه الاتم كتعهد المغابن وَيُؤمر بِهِ فِي الْوضُوء لتكمل النَّظَافَة، وكالابتداء بِالْيَمِينِ يُؤمر بِهِ لتَكون النَّفس متنبهة على عظم أَمر الطَّاعَة، وَتقبل عَلَيْهَا حِين أخذت نَفسهَا بِمَا يفعل فِي الْأَعْمَال المهمة. وَاعْلَم أَن الْإِنْسَان إِذا أَرَادَ أَن يحصل خلقا من الْأَخْلَاق، وتنصبغ نَفسه، ويحيط بهَا من جَمِيع جوانبها، فحيلة ذَلِك أَن يُؤَاخذ نَفسه بِمَا يُنَاسب ذَلِك الْخلق من فعل وهيآت وَلَو فِي الْأُمُور القليلة الَّتِي لَا يعبأ بهَا الْعَامَّة، كالمترن على الشجَاعَة يُؤَاخذ نَفسه أَلا ينحجم عَن الْخَوْض فِي الوحل وَالْمَشْي فِي الشَّمْس وَالسري فِي اللَّيْلَة الظلماء وَنَحْو ذَلِك، وَكَذَلِكَ المتمرن على الاخبات يحافظ على الْآدَاب الْعَظِيمَة كل حَال، فَلَا يجلس على الْغَائِط إِلَّا مطرقا مستحييا وَإِذا ذكر الله جمع أَطْرَافه وَنَحْو ذَلِك وَكَذَلِكَ المتمرن على الاخبات يحافظ على الْآدَاب الْعَظِيمَة كل حَال، فَلَا يجلس على الْغَائِط إِلَّا مطرقًا مستحييًا وَإِذا ذكر الله جمع أَطْرَافه وَنَحْو ذَلِك، والمتمرن على الْعَدَالَة يَجْعَل لكل شَيْء حَقًا، فَيجْعَل الْيَمين للْأَكْل والطيبات، واليسار لإِزَالَة النَّجَاسَة، وَهُوَ سر مَا قيل عَن للنَّبِي ﷺ فِي السِّوَاك " كبر كبر " وَقَوله ﷺ فِي قصَّة حويصة ومحيصة " كبر الْكبر " فَهَذَا أصل أَبْوَاب من الْآدَاب. وَاعْلَم أَن سر قَوْله ﷺ: " إِن الشَّيْطَان يَأْكُل بِشمَالِهِ " وَنَحْو ذَلِك من نِسْبَة بعض الْأَفْعَال إِلَى الشَّيَاطِين - على مَا فهمني رَبِّي ﵎ أَن الشَّيَاطِين قد أقدرهم الله تَعَالَى على أَن يتشكلوا فِي رُؤْيا النَّاس ولابصارهم فِي الْيَقَظَة بأشكال تعطيها أمزجتهم وأحوال طارئة عَلَيْهِم فِي وَقت التشكل، وَقد علم أهل الوجدان السَّلِيم أَن مزاجهم يُعْطي

1 / 174