136

Hujjat Allah Baligha

حجة الله البالغة

Investigator

السيد سابق

Publisher

دار الجيل

Edition Number

الأولى

Publication Year

سنة الطبع

Publisher Location

بيروت - لبنان

التَّلَبُّس بِأَفْعَال شنيعة وأفعال تميل إِلَى طيش وضجر والتقرب من النَّجَاسَات وَالْقَسْوَة عَن ذكر الله والإفساد لكل نظام مستحسن مَطْلُوب. وأعنى بالأفعال الشنيعة مَا إِذا فعله الْإِنْسَان اشمأزت قُلُوب النَّاس عَنهُ واقشعرت جُلُودهمْ، وَانْطَلَقت ألسنتهم باللعن والطعن، وَيكون ذَلِك، كالمذهب الطبيعي لبني آدم تعطيه الصُّورَة النوعية، وَيَسْتَوِي فِيهِ طوائف الْأُمَم لَا للمحافظة على رسم قوم دون قوم أَو مِلَّة دون مِلَّة، مثل أَن يقبض على ذكره، ويثب، ويرقص، أَو يدْخل إصبعه فِي دبره، ويلطخ لحيته بالمخاط، أَو يكون أجدع الْأنف وَالْأُذن مسخم الْوَجْه، أَو ينكس لِبَاسه، فَيجْعَل أَعلَى الْقَمِيص أَسْفَل، أَو يركب دَابَّة، فَيجْعَل وَجهه من قبل ذنبها، أَو يلبس خف فِي رجل وَالرجل الْأُخْرَى حافية وَنَحْو ذَلِك من الْأَفْعَال والهيآت الْمُنكرَة الَّتِي لَا يَرَاهَا أحد إِلَّا لعن، وَسَب، وَشتم وَقد شاهدت فِي بعض الْوَاقِعَات الشَّيَاطِين يَفْعَلُونَ بعض ذَلِك. وأعنى بِأَفْعَال الطيش مثل الْعَبَث بِثَوْبِهِ وبالحصى وتحريك الْأَطْرَاف على وَجه مُنكر. وَبِالْجُمْلَةِ فقد كشف الله تَعَالَى على نبيه ﷺ تِلْكَ الْأَفْعَال، وَأَنَّهَا تعطيها أمزجة الشَّيَاطِين، فَلَا يتَمَثَّل الشَّيْطَان فِي رُؤْيا أحد أَو يقظته إِلَّا وَهُوَ يتلبس بِبَعْضِهَا، وَأَن المرضى فِي حق الْمُؤمن أَن يتباعد من الشَّيَاطِين وهيئاتهم بِقدر الِاسْتِطَاعَة، فَبين النَّبِي ﷺ تِلْكَ الْأَفْعَال والهيآت، وكرهها، وَأمر بالاحتراز عَنْهَا. وَمن هَذَا الْبَاب قَوْله ﷺ: " أَن هَذِه الحشوش محتضرة ". وَقَوله ﷺ: " أَن الشَّيْطَان يلْعَب بمقاعد بني آدم " وَأَنه يضْحك إِذا قَالَ الْإِنْسَان هاه هاه " وَقس على ذَلِك التَّرْغِيب فِي هيآت الْمَلَائِكَة، وَهُوَ قَوْله ﷺ: " أَلا تصفون كَمَا تصف الْمَلَائِكَة " وَهَذَا أصل آخر لأبواب من الْآدَاب. وَاعْلَم أَن من أَسبَاب جعل الشَّيْء فرضا بالكفاية أَن يكون اجْتِمَاع النَّاس عَلَيْهِ بأجمعهم مُفْسِدا لمعاشهم ومفضيا إِلَى إهمال ارتفاقاتهم، وَلَا يُمكن تعْيين بعض النَّاس لَهُ وَتَعْيِين آخَرين لغيره، كالجهاد لَو اجْتَمعُوا عَلَيْهِ، وَتركُوا الفلاحة وَالتِّجَارَة والصناعات - لبطل معاشهم، وَلَا يُمكن تعْيين بعض النَّاس للْجِهَاد وَآخَرين للتِّجَارَة وَآخَرين للفلاحة وَآخَرين للْقَضَاء وَتَعْلِيم الْعلم؛ فَإِن كل وَاحِد يَتَيَسَّر لَهُ مَا لَا يَتَيَسَّر إِلَى يُغَيِّرهُ؛ وَلَا يعلم المستعد لشَيْء من ذَلِك بالأسامى والأصناف ليدر الحكم عَلَيْهَا.

1 / 175