186

Tārīkh al-adab al-Andalusī (ʿAṣr al-Ṭawāʾif waʾl-Murābiṭīn)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين)

Publisher

دار الثقافة

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

وتذكر ابن عبد الصمد ذلك المجد الزائل، وبكاه بدموع مخلصة في مطولته هذه " فانحشر الناس إليه وأجفلوا، وبكوا لبكائه وأعولوا، وأقاموا أكثر نهارهم مطيفين به طواف الحجيج، مديمين البكاء والعجيج " (١) .
ويشبه ابن حمديس صديقيه هذين في شدة الحزن واللوعة على صاحبه وولي نعمته. إلا انه يفترق عنهما في شيء من التأميل العابر، والتفاؤل العارض الذي كان ينظر به إلى مأساة المعتمد، فهو يعزيه بما يصيب الأسد حين تحبس ويقول:
وقد تنتخي السادات بعد خمولها ... وتخرج من بعد الكسوف بدور إلا انه لا يلبث أن ينسى؟ عند نهاية القصيدة - هذا الشهور بالتفاؤل، ويحس ان حادثة المعتمد تعني نوعا من دنو القيامة:
ولما رحلتم بالندى في أكفكم ... وقلقل رضوى منكم وثبير
رفعت لساني بالقيامة قد أتت ... ألا فانظروا هذي الجبال تسير (٢) وكلا الشاعرين، ابن اللبانة وابن حمديس، تصور القيامة ونهاية " العالم السفلي " في حادث المعتمد، ولم يكن هذا محض مبالغة شعرية، بل هو ذو دلالة على طبيعة استشعارهما للتغير المفاجئ؟ الذي لم يكونا يتوقعانه - فأصابهما بهزة نفسية عنيفة،. وقد وقف ابن حمديس مرة أخرى عند هذا المعنى في أول قصيدة رثى بها المعتمد " وهو حي "؟ " فانك حي تستحق المراثيا " فقال:

(١) القلائد: ٣١.
(٢) ديوان ابن حمديس: ٢٦٧ - ١٦٨، والقصيدة جواب على قصيدة المعتمد مطلعها " غريب بأرض المغربين أسير ".

1 / 192