Hikma Mutacaliya
الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة
Edition Number
الثالثة
Publication Year
1981 م
هؤلاء جعلوا مبادئ الأفعال الاختيارية التي للحيوان خمسه التصور واعتقاد النفع أو دفع التضرر والشوق والاجماع المسمى بالإرادة والقوة المحركة.
والأولون انما أسقطوا الاجماع وجعلوه نفس الشوق المتأكد وفي جعل القصد والإرادة من الأفعال الاختيارية نظر إذ لو كان الامر كذلك لاحتاج إلى قصد آخر ويلزم التسلسل والقول بان البعض اختياري دون البعض تحكم لا يساعده الوجدان بل الظاهر أنه إذا غلب الشوق تحقق الاجماع بالضرورة ومبادئ الأفعال الاختيارية ينتهى إلى الأمور الاضطرارية التي تصدر من الحيوان بالايجاب فان اعتقاد اللذة أو النفع يحصل من غير اختيار فيتبعه الشوق فيطيعه القوة المحركة اضطرارا فهذه أمور مترتبة بالضرورة والاختيار في الحيوان عبارة عن علمه والشوق التابع له سببا للفعل وقدرته عبارة عن ذلك السبب للفعل كالقوة المحركة التي للأعضاء واما اراده الله فعند الحكماء هو عبارة عن علمه بنظام العالم على الوجه الأتم الأكمل.
فان هذا العلم من حيث إنه كاف في وجود النظام الأتم ومرجح لطرف وجودها على عدمها اراده والعلم فينا أيضا إذا تأكد يصير سببا للوجود الخارجي كالماشي على شاهق جدار ضيق العرض إذا غلبه توهم السقوط يصير سببا لسقوطه ومن هذا القبيل تأثير بعض النفوس بالهمة والعين الذي علم تأثيره بالتجارب واخبار المخبر الصادق فلا يستبعد ان يكون العلم الأزلي سببا لوجود الكائنات.
فصل [3] في حد الخلق وأقسامه الخلق ملكه يصدر بها عن النفس أفعال بالسهولة من غير تقدم رويه وليس الخلق عبارة عن القدرة على الافعال لان القدرة نسبتها إلى الضدين واحده كما سبق وليس أيضا عبارة عن نفس الفعل لأنه عبارة عن كون النفس بحال يصدر عنها الصناعة من غير رويه كمن يكتب شيئا ولا يروى في كتبه حرف حرف أو يضرب بالعود ولا يروى
Page 114