102

Hayat Masih

حياة المسيح: في التاريخ وكشوف العصر الحديث

Genres

لا يؤدي إلى غناء اجتهاد

ففيم يشقى المصلحون، وفيم يهلك الشهداء؟ وفيم يأتي الأنبياء ويذهبون؟ وفيم اختلفت الديانات، واصطرع عليها المتدينون؟ فيم كل هذا؟ فيم جاءهم رسول بعد رسول؟ وفيم توالى التابعون بعدهم بإحسان أو بغير إحسان؟!

جاءوا وعادوا:

وانصرفوا والبلاء باق

ولم يزل داؤنا العياء

لئن قيل هذا ليكونن أقرب ما يقال بعد تلك الحقيقة التي جاءت في صورة الخيال.

ولكن الحقيقة الكبرى التي توزن بها جميع الحقائق هي أن الحقيقة لا ترى من جانب واحد، ولا سيما الحقيقة التي تخلد على الزمن في أطوار الإنسان منذ كان، وتخلد معه أنى يكون.

ليست حرية الضمير مطلبا محدود المسافة، يرحل إليه الإنسان، ثم يصل إليه، ويقعد عنه، ويكف بعده عن كل عناء.

إنما حرية الضمير جهاد دائم وعمل دائب، يتقدم فيه الإنسان شوطا بعد شوط، أو طبقة فوق طبقة، ولا يفرغ من جهاده يوما إلا لينظر بعده إلى جهاد مستأنف، ولا يودع الشر في مرحلة من مراحله إلا ليلقاه ويجاهده، ولن يلقاه في سلام.

ومطالبنا المحسوسة تهدينا إلى القياس الصحيح في هذه المشكلة، وهي أولى بأن ندركها من المطالب الخفية التي تعتلج بالضمير، وتبعثه إلى العمل مرة حيث يرى مواقع خطوه، ومرات حيث يبصر فلا يرى غير الحجب والظلمات.

Unknown page