Al-Hawāmil waʾl-shawāmil
الهوامل والشوامل
Editor
سيد كسروي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م
Publisher Location
بيروت / لبنان
فَمَا عِلّة ذَلِك؟ فبإثارة علته يتم الدَّلِيل على صِحَّته. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه ﵀: قد تبين فِي المباحث الفلسفية أَن الْعلم هُوَ إِدْرَاك النَّفس صور الموجودات على حقائقها وَلما قَالَ بعض الْأَوَائِل: إِن النَّفس مَكَان للصورة استحسنه أفلاطون وَصوب قَائِله لِأَن النَّفس إِذا اشتاقت إِلَى الْعلم الَّذِي هُوَ غايتها نقلت صُورَة الْمَعْلُوم إِلَى ذَاتهَا حَتَّى تكون الصُّورَة الَّتِي تحصلها مُطَابقَة لصورة الْمَنْقُول مِنْهُ لَا يفضل وَإِن كَانَت الصُّورَة المنقولة إِلَى النَّفس غير مُطَابقَة للمنقول فَلَيْسَ بِعلم. وَهَذِه الصُّورَة كلما كثرت عِنْد النَّفس قويت على استثبات غَيرهَا وَالنَّفس فِي هَذَا الْمَعْنى كالمناصب للجسد وَذَلِكَ أَن الْجَسَد إِذا حصلت فِيهِ صُورَة ضعف عَن قبُول صُورَة غَيرهَا إِلَّا بِأَن تنمحي الصُّورَة الأولى مِنْهُ أَو تتركب الصُّورَة الأولى وَالثَّانيَِة الْوَارِدَة فتختلط الصورتان وَلَا تحصلان وَلَا إِحْدَاهمَا على التَّمام وَلَيْسَت النَّفس كَذَلِك. وَلما كَانَت نفس الْإِنْسَان هيولانية مشتاقة إِلَى الْكَلَام الْمَوْضُوع لَهَا بِأَن يتَصَوَّر بِصُورَة الموجودات كلهَا أَعنِي الْأُمُور الْكُلية دون الْجُزْئِيَّة وَكَانَت قَوِيَّة على ذَلِك وَكَانَت صُورَة الموجودات فِيهَا غير مضيفة بَعْضهَا مَكَان بعض بل هِيَ بالضد من الْأَجْسَام فِي أَنَّهَا كلما استثبتت صُورَة فِي ذَاتهَا قويت على استثبات أُخْرَى وخلصت الصُّور كلهَا بَعْضهَا من بعض وَذَلِكَ بِلَا نِهَايَة - كَانَ الْإِنْسَان مُحْتَاجا إِلَى تعلم الْعلم أَي إِلَى استثبات صور الموجودات وتحصيلها عِنْده.
1 / 80