فلا يناسبه التعليل بقوله: لأن البيع تمليك الغير، ولا النقض ببيع الدين أصلا، فإنه إنما يناسب إذا كان بصدد بيان أنها لا يجعل معوضا في البيع.
فالتحقيق أن يقال: إنه لو قيل باعتبار المالية في العوض كالمعوض، كما يظهر من المصباح، فلا اشكال في عدم صحة جعل الحق عوضا، وإن كان قابلا للانتقال. فإن الحقية وإن كانت من الاعتباريات، كالمالية والملكية، إلا أنها غيرهما، ولو قيل بعدم اعتبارها، فلو قيل بعدم اعتبار الانتقال في العوض، وإن أخذه فيه، إنما هو لمجرد إنه ليس بتمليك مجاني، فلا اشكال في جعلها، عوضا مطلقا، وإلا في خصوص القابل منها للانتقال.
قوله (ره): (والسر أن الحق فعليه - الخ -) لا يخفى أن الحق بنفسه ليس سلطنة ، وإنما كانت السلطنة من آثاره، كما أنها من آثار الملك، وإنما هو كما أشرنا إليه، اعتبار خاص، له آثار مخصوصة، منها السلطنة على الفسخ، كما في حق الخيار، أو التملك بالعوض، كما في حق الشفعة، أو بلا عوض، كما في حق التحجير، إلى غير ذلك. وهي لا يقتضي أن يكون هناك من يتسلط عليه، وإلا كانت من آثار الملك أيضا، وإن لم يكن نفسه، فيلزم في بيع الدين، إما محذور تسلط الشخص على نفسه، وإما التفكيك بين الملك وأثره، مع أن ذلك إنما يلزم في بيع الحق، ممن كان عليه، لا من غيره، وقد عرفت أنه أجنبي عما هو بصدده، كما يظهر من صدر كلامه وذيله.
قوله (ره): (إلا أن الفقهاء، قد اختلفوا في تعريفه - الخ -) الظاهر أن اختلافهم، ليس لأجل الاختلاف في حقيقته وماهيته، بل لأجل أن البيع الحقيقي، لما كان له سبب، يتسبب به إليه، ولوازم تترتب عليه أخذ كل منهم، بطرف من أطرافه، لا بتمام جوانبه وأكنافه، حيث إن الغرض، ليس إلا الإشارة إليه من نحوه ومعرفته بوجه، لا معرفته بحده أو برسمه، وبذلك يوفق بين كلمات الأعلام، وينقدح أنه لا وقع، لما وقع من النقض والابرام في المقام، بل لا اختلاف حقيقة فيه بين العرف والشرع، وإنما الاختلاف بينهما، فيما يعتبر في تحققه، وإن شئت أن تعرفه بأطرافه،
Page 4