Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء الهمزة فيه للإنكار واللام مشار بها إلى الناس أو الجنس بأسره وهم مندرجون فيه على زعمهم وإنما سفهوهم لاعتقادهم فساد رأيهم أو المطلوب بكونه مقرونا بالإخلاص فهو بحسب الظاهر تقييد للمطلق إلا أنه في الحقيقة تأكيد للإيمان المطلوب لأنه لا يكون إلا مقرونا بالإخلاص. والهمزة في قوله: أنؤمن للإنكار بمعنى أن ذلك لا يكون أصلا، واللام في السفهاء إما للعهد الخارجي والمعهود الحصة المعهودة المعينة التي تقدم ذكرها صريحا في قوله تعالى: كما آمن الناس سواء أريد بالناس المعهودون أو الجنس بأسره بناء على ادعاء انحصاره في الكاملين، فإن أريد بالناس المعهودون وأشير بلفظ السفهاء إليهم تكون تلك الحقيقة معهودة بلفظين، وباعتبار لفظين وضعا متغايرين. وإما للجنس بأسره أي لاستغراق جنس السفيه أو جنس السفهاء بوصف الجمعية، وأيا ما كان يكون الناس المذكور سابقا داخلا في جنس المشار إليه بلفظ «السفهاء» على زعمهم الباطل وإما في نفس الأمر فهم عقلاء بل أكمل الناس عقلا. ذكر في التوسيط ومعالم التنزيل: فإن قيل: كيف يصح النفاق مع المجاهرة بقولهم: أنؤمن كما آمن السفهاء أجيب بأنهم كانوا يظهرون هذا القول فيما بينهم لا عند المؤمنين فأخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بذلك عنهم وقال الإمام: القائل آمنوا كما آمن الناس إما الرسول أو المؤمنون، ثم كان بعضهم يقول لبعض: أنؤمن كما آمن السفيه فلان ابن فلان السفيه ابن فلان، والرسول وأصحابه لا يعرفون ذلك فأخبرهم الله تعالى بذلك ثم غلب عليهم هذا اللقب بقوله تعالى: ألا إنهم هم السفهاء. وفي التفسير كان المنافقون يتكلمون بهذا الكلام في أنفسهم دون أن ينطقوا به بألسنتهم لكن هتك الله تعالى أستارهم وأظهر أسرارهم عقوبة لهم على عداوتهم وبغضهم للحق المبين . ففي الآية دلالة على حقية الرسالة من حيث إنه عليه الصلاة والسلام أخبر بما في قلوب المنافقين بإخبار رب العالمين إياه. وكل واحد من هذه الوجوه محتمل لأن قوله تعالى: وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس ظرف «لقالوا» فيكون قولهم: أنؤمن جوابا للمؤمنين حين لاقوهم وقالوا لهم: آمنوا كما آمن الناس فالقول بأن المنافقين لا يتكلمون بهذا الكلام بألسنتهم وإنما يتكلمون به في أنفسهم أو يتكلمون به فيما بينهم لا عند المؤمنين بعيد جدا. فالظاهر في الجواب أن يقال: قولهم أنؤمن كما آمن السفهاء ليس مجاهرة في الامتناع عن الإيمان إذ يمكن لهم أن يقولوا مرادنا بهذا القول دعوى الإخلاص في الإيمان بإنكار أن يكون إيماننا كإيمان السفهاء والعوام؛ إن كان هذا التأويل منهم على وجه النفاق أيضا كان قولهم: آمنا بالله وباليوم الآخر كذلك.
قوله: (وإنما سفهوهم) أي عدوا المؤمنين سفهاء أو نسبوهم إلى السفاهة لأحد
Page 289