Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
الباب. والحصة المعهودة في الآية سواء أريد بها الرسول ومن معه أو من آمن من أبناء جنسهم لم يتقدم ذكرها لا صريحا ولا كناية لكنها كالمتقدم ذكرها من حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين كانوا معهودين حاضرين في أذهانهم لا يغيبون عن خواطرهم أبدا لما كانوا مبغضين عندهم ويقاسون منهم ما يقاسون من الأحزان حسدا من ظهور أمرهم وقبول الناس دينهم، ولما رأوا من تتابع المعجزات والبراهين القاطعات ونزول الوحي الناطق بالهدى والبينات، وكذا عبد الله بن سلام وأشياعه فإنهم أيضا مبغضون عندهم من حيث إنهم كانوا من أبناء جنسهم ومصاحبيهم ثم خالفوهم واتبعوا الحق المبين فانكسرت بذلك قوتهم وتفرقت أعوانهم فهم أيضا معهودون حاضرون في أذهانهم من هذا الوجه وإن لم يتقدم ذكرهم صريحا ولا كناية. قوله: (من أهل جلدتهم) أي من جملتهم ومن أبناء جنسهم.
الجوهري: الجلد واحد الجلود، والجلدة أخص منه. فالظاهر أن قوله: «من أهل جلدتهم» عبارة عن المبالغة في القرب كقولهم: هو مضغة مني. قوله: (واستدل به على قبول توبة الزنديق) الزنديق في عرف الفقهاء من يبطن الكفر مصرا عليه ويظهر الإيمان تقية. ونقل عن «شرح المقاصد» أن الكافر إن كان مع اعترافه بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار شعائر الإسلام يبطن عقائد هي الكفر بالاتفاق خص باسم الزنديق. واختلف في قبول توبته والأصح عند الحنفية أنها تقبل قبل الظفر وبعده. وقيل: لا بل يقتل كالساحر والداعي إلى الإلحاد. وقيل: إنه إن تاب قبل الاشتهار بذلك قبلت توبته وإلا فلا تقبل بل يقتل كالساحر. ووجه الاستدلال بقوله تعالى: آمنوا كما آمن الناس على قبول توبة الزنديق أن المنافقين من الزنادقة وقد أمروا بالإيمان وطلب منهم أن يؤمنوا فينبغي أن تقبل توبتهم منهم لأن ما لا يقبل من المكلف لا يطلب منه بالأمر التكليفي وإذا قبلت توبتهم، وهم من الزنادقة، علم أن توبة الزنديق مقبولة وهو المطلوب. ووجه الاستدلال به على أن الإيمان هو الإقرار المجرد سواء اقترن بالإخلاص أم لم يقترن هو أن قوله تعالى: آمنوا قيده بقوله: كما آمن الناس بمعنى آمنوا إيمانا مقرونا بالإخلاص بعيدا عن النفاق فلو لم يكن مجرد الإقرار بالشهادتين آيمانا لما حصل مسمى الإيمان بلا إخلاص، ولكان قوله: كما آمن الناس مجردا مستدركا لكون الإيمان المأمور بقوله: آمنوا حينئذ هو التصديق مع الإقرار فلا يحتاج إلى التقييد بقوله:
كما آمن الناس. والجواب أن الإيمان المطلوب منهم بقوله: آمنوا هو الإيمان الحقيقي المعتبر عند الله تعالى وهو الإقرار المقرون بالإخلاص وليس الإقرار المجرد إيمانا حقيقة، فكان الظاهر أن يكتفي بقوله: آمنوا إلا أن الإقرار المجرد لما كان إيمانا بحسب الظاهر حتى أن من أقر بالشهادتين عصم دمه وماله جاز أن يتوهم اندراجه تحت الإيمان
Page 288