330

فيقول لها وهو يعب من الخمر عبا: ما ألطفك!

وقالت لنفسها إنه فقد قلبه كما فقد براءته، وأنه يتباهى وهو لا يدري بقسوته مثل الشتاء، وقالت لنفسها أيضا إنها تنتحر بوعي وإرادة.

ورمقها وهو يتوغل في السكر، وتمتم: إن صح نظري فلست كالعهد بك.

فقالت بعذوبة: إنه وقار الحب.

فضحك قائلا: لا وقار لشيء.

وعابث خصلة من شعرها الذهبي وقال: ما زلت في أعز مكانة، ولكنك امرأة طموحة.

فاندفعت قائلة: ما أنا إلا امرأة حزينة. - تذكري نصائحك الغالية عن قصر الحياة. - كان ذلك في زمان الحب. - ها أنا أعمل بها فشكرا لك.

وقالت لنفسها: إنه لا يدري ما يعنيه كلامه، وإنها تعلم الغيب أكثر منه بقيراط، وإن الشر يرفع الإنسان على رغمه إلى مرتبة الملائكة. ورنت إليه طويلا بشغف وهي تقاوم رغبة في البكاء. واستنامت إلى نسائم بشنس وقالت لنفسها: إنه شهر غدار، سرعان ما تدهمه الخماسين فينقلب شيطانا مغيرا يفتك بالربيع. واحتواها بين ذراعيه فضمته إلى صدرها بقوة جنونية.

69

تخلص من ذراعيها ومضى ينزع عنه ملابسه حتى بدا كتمثال من نور، ونهض قائما. راح يتمشى في المخدع، وسرعان ما ترنح حتى ضحك. قالت: شربت بحرا. - ما زلت ظمآن.

Unknown page