51
وكان راجعا إلى البيت ظهرا عندما ارتطمت قدمه بنحلة يلعب بها طفل. وجاء صوت الطفل وهو يصيح مغيظا: يا عجوز يا أعمى!
التفت نحوه فرآه في طول عنزة وهو يحدجه بنظرة جريئة متحدية. ود لو يهرسه بقدمه. كظم غيظه ومضى. هذا جيل يجهله. إنه يعيش بفضله ويجهله. ويصرح بعفوية بما يكتمه الراشدون. أليس من الأفضل أن نموت مرة واحدة؟
52
عند الفجر من تلك الليلة استيقظ على حركة مبعثها عجمية. أشعل المصباح فوجدها جالسة في الفراش متألقة بحيوية طارئة بعثت في نفسه الأمل. قال لها: لقد شفيت يا عجمية!
ولكنها لم تجبه. نظرت إلى الجدار وهمست: أبي.
فامتلأ كآبة وتمتم برجاء: عجمية!
رآها تغيب في المجهول وتتلاشى، فهتف: لا تتركيني وحدي!
أسندها إلى صدره.
رفيقة العمر تحتضر.
Unknown page