120

Ḥaqīqat al-īmān

حقيقة الإيمان

Genres

(٢) كما كان من نتيجة ذلك أنهم سووا بين أعمال الكفر وأعمال المعاصي، فجعلوا من يفعل المعصية كافرًا، وجعلوها كلها - بذلك النظر - أفعال مكفرة ما لم يتب منها، فأنكروا انقسام الذنوب إلى شرك وإلى معاصي دون الشرك، واستدلوا على كفر العاصي بأدلة - بزعمهم - منها:
١ - أن الله سبحانه قد أطلق اسم الإيمان على الأعمال كلها - فعلًا وتركًا - فتكون كلها داخلة في أصله، فمن ترك منها شيئًا نزع عنه وصف الإيمان جملة وكان كافرًا كما قلنا من قبل.
٢ - قول الله تعالى في مواضع متعددة من كتابه أن معصية الله ورسوله تدخل النار مع الخلود فيها كقوله تعالى: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذاب مهين) (١) .
وقوله تعالى: (ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدًا) (٢) .
وقوله تعالى: (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) (٣) .
فحملوا لفظ المعصية في الآيات على مطلق المعصية أو الذنب، وأن الخلود في النار يعني الكفر.
وكذلك وصفه تعالى لبعض مرتكبي المعاصي بأنهم من أصحاب النار الخالدين فيها.. قالوا فهم كافرون بهذا، كقوله تعالى: (ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا) (٤) واستدلوا على ذلك بأن إبليس إنما كفر بمعصية الله سبحانه في عدم طاعته للأمر بالسجود لآدم، ومثله كل عاص لله تارك لأمره.
٣- أن رسول الله ﷺ قد ذكر بعض المعاصي في أحاديثه الصحيحة وأطلق عليها اسم الكفر:
مثل قوله ﷺ: "اثنتان في الناس هما بهم كفر، الطعن في النسب، والنياحة على الميت" (٥) .
وقوله ﷺ: "أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم" (٦) .

(١) النساء ١٤.
(٢) الجن ٢٣.
(٣) البقرة ٨١.
(٤) النساء٩٣.
(٥) رواه مسلم.
(٦) رواه مسلم.

1 / 120