(*) صدرت الطبعة الأولى لهذا الكتاب في مطبعة المدني بالقاهرة ١٩٧٩ م (١) غافر ٥٦. (٢) غافر ٣٥. (٣) البقرة ٢١٣. (٤) النساء ٥٩. (٥) الحديد ٢٥.
1 / 1
(١) النحل ١٢٨. (٢) آل عمران ١٢٠. (٣) الشورى ٤١. (٤) الصافات ١٧١-١٧٣. (٥) غافر ٥١. (٦) من رسالة لشيخ الإسلام ابن تيمية مجموع الفتاوى جـ٣صـ٥٤٢. (٧) آل عمران ١٠٣. (٨) الطبري جـ٤ص٣٠.
1 / 2
(١) الأنعام ١٥٣. (٢) رواه ابن ماجه والدرامي واللفظ له. (٣) القرطبي جـ٧ص١٣٨. (٤) هود ١١٩. وقد قيل في معنى قوله تعالى (ولايزالون مختلفين) وجهين أنها في المختلفين في أصل الدين كاليهود والنصارى، والآخر أنها في أهل البدع المتفقين في أصل الدين المختلفين في الآراء. وعلى هذا يكون "إلا من رحم ربك" هم أهل السّنة. راجع الاعتصام للشاطبي جـ٢ص١٦٦ إلى ص١٧٢. (٥) أخرجه الحاكم. (٦) رواه ابن ماجه بسنده عن أنس. وللحديث روايات أخرى اختلفت في عدد الفرق وقد حاول الشاطبي التوفيق بين هذه الروايات كلها راجع الاعتصام جـ٢ص٢٤٠.
1 / 3
(١) رواه مسلم. (٢) البقرة ١٤٣. (٣) راجع الفرق بين الفرق للبغدادي، الملل والنحل لابن حزم، وغيرها من كتب الفرق لترى كيف لعب الشيطان بهؤلاء الناس فمزقوا دينهم وصاروا شيعًا وأحزابًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
1 / 4
(١) الحجرات ١. (٢) مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية ص٨١. (٣) الحجر ٩١. (٤) الطبري ج١٤ص٦٤..
1 / 5
(١) الاعتصام للشاطبي جـ١ص٢٢٣. (٢) الأنعام ١٥٣. (٣) يراجع بحثنا التالي إن شاء الله تعالى عن "أصول الفكر والنظر عند أهل السّنة والجماعة".
1 / 6
(١) مدارج السالكين لابن القيم ج٢ص١٠٨.
1 / 7
(١) النساء ٨٢. (٢) الحجرات ١٤.
1 / 8
(١) رواه مسلم. (٢) رواه البخاري ومسلم. (٣) صححه الألباني وقال، حديث صحيح رجاله ثقات لولا عنعنة الحسن ولكن له شاهد من حديث عمرو بن عبسة في المسند ٤/٣٨٥ وآخر من حديث عبادة بن الصامت ٥/٣١٨-٣١٩. راجع رسالة الإيمان لابن أبي شيبة ص١٨ طبعة المدرسة السلفية. (٤) الحجرات ١٥.
1 / 9
(١) راجع شرح النووي على مسلم جـ٢ص٣. (٢) السابق جـ١ص١٨١. (٣) قال الألباني صحيح على شرط الشيخين راجع الإيمان لأبي عبيد ص١١ طبعة المدرسة السلفية. (٤) آل عمران ٢٩. (٥) الذاريات ٣٥.
1 / 10
(١) رواه أحمد في مسنده. (٢) رواه أحمد. (٣) جامع العلوم لابن رجب ص ٢٦.
1 / 11
(١) جامع العلوم لابن رجب ص٢٦. (٢) الإيمان لابن تيمية ص٢٢٤. (٣) مجموع الفتاوى لابن تيمية جـ٧ص٥٥٣. (٤) شرح الفقه الأكبر لملا على القارى ص٧٣.
1 / 12
(١) عن ابن تيمية في "الإيمان" ص٣١١. (٢) الموافقات للشاطبي جـ١ المسألة العاشرة. (٣) والإيمان التام هنا هو الذي ينجو به صاحبه من الخلود في النار، وليس هو الإيمان الكامل أو "الإيمان الواجب كما قد يوهم اللفظ لقول ابن تيمية في شرح معناه "مقدم الشهادتين مع القدرة مستلزم انتفاء الإيمان القلبي التام" الإيمان الأوسط ص٩٥ ومعلوم أن تارك الشهادتين كافر بإجماع، فإنتفاء إيمان القلب التام مستلزم الكفر. (٤) مجموع الفتاوى لابن تيمية جـ٧ص٥٥٣. (٥) شرح الفقه الأكبر ص ٧٢.
1 / 13
(١) شرح الطحاوية لابن أبي العز ص ٢٥١. (٢) وأما عن الإيمان لغة فقد اختلف العلماء في تحديد معناه، فقد نقل عن بعضهم أن الإيمان لغة التصديق وهو ما ذكره ابن حجر في الفتح جـ١ص٤٦، والكشميري في الفيض جـ١ ص ٤٤، وصاحب المعارج جـ٢ ص٢٥. ورد هذا القول الإمام ابن تيمية في كتاب "الإيمان" من ستة عشر وجهًا أنكر فيها أن المعنى اللغوي للإيمان هو التصديق فارجع إليه ص ١٠٦ وبعدها. ونحن لا ننقل هذا الخلاف بتفصيل ولا ننازع فيه لأن لفظ الإيمان منقول عن معناه في استعمال الشرع عند من قال إن معناه اللغوي التصديق، وعند من نازع في نقله فإن معناه اللغوي مطابق للشرعي فالحاصل واحد والحمد لله. (٣) وسيأتي بيان هذه الجملة في الفصل الثالث من هذا الباب إن شاء الله تعالى.
1 / 14
(١) وإن الاصطلاح على تسمية قول القلب هنا "الاعتقاد" وقصره على ذلك يجب أن يفهم منه شمول الاعتقاد لمعنى الالتزام كما سيأتي بعد، وليس "الاعتقاد" أو قول القلب هو مجرد التصديق بمعنى نسبة الصدق إلى الخبر أو المخبر وإنما إن قيل هو التصديق فيعنى به التصديق المخصوص المتضمن للإقرار والالتزام والانقياد، فإنه من المعلوم من الدين بالضرورة أن من "صدق" بشريعة من شرائع الإسلام دون "الالتزام بها" التزام الطاعة بالقبول – وليس التنفيذ كما سيأتي في التفريق بينهما – كان ولا ينجيه الاعتقاد بمعنى التصديق فقط بهذا إلا تضمن الالتزام بطاعة الله فيها فيكون مسلمًا، حتى وإن ترك أعمال الطاعات كسلًا أو هوى، وهذا ما سنفصله بعد في الفصل الثالث من هذا الباب إن شاء الله تعالى. (٢) شرح العقيدة الطحاوية ص ٢٤٥. (٣) معارج القبول جـ٢ص١٧. (٤) كتاب الصلاة لابن القيم ص٢٤.
1 / 15
(١) راجع في بيان معاني هذه الأقسام إلى كل من شرح الطحاوية ص٢٤٥ ومعارج القبول جـ٢ص١٧ وغيرها. (٢) وهو المعنى الذي نبهنا عليه سابقًا من أنه إذا اعتبر "الاعتقاد" هو قول القلب لزم أن يكون "قول القلب" يشمل التصديق والانقياد. (٣) الزمر ٢٣. (٤) الحجرات ١٥. (٥) رواه البخاري ومسلم. (٦) وننبه هنا إلى أمرين: أولهما: أن النطق بالشهادتين المعتبر شرعًا هو المستلزم لمعرفة معناهما وتحقيق لوازمهما مع ترك ما يناقضهما، وليس هو مجرد النطق اللفظي فقط كما سنبين في الفصل الثاني من الباب الثالث، وإلا فإن الجهل بمعناهما يتنافى كلية مع معنى قول القلب السابق لقول اللسان، والذي أجمع العلماء على اعتباره ركن الإيمان، إذ كيف يجتمع الجهل بالشئ مع تصديقه والإقرار به؟! ويرجع في هذا تفصيلا لكتابنا عن عارض الجهل في الشريعة المسمى "الجواب المفيد". ثانيًا: أن المراد بالنطق بالشهادتين هو ظهور دلالة الإسلام، فإن إسلام الفارسي الذي لا يتكلم العربية يتحقق بمجرد إعلانه الإستسلام بلفظ "ميتراس" أي أسلمت، وأي دلالة على الإسلام تكون معتبرة طالما أنها تكفي للتدليل على الإنخلاع من الشرك والتبري من دين الكفر، فإن قول الشهادة يكون معتبرًا في بعض الحالات كحالة عباد الأوثان فإنه يكتفي منهم بقول لا إله إلا الله لأنهم لم يكونوا عليها قبل الإسلام، وأما أهل الكتاب المعتقدين لرسالة محمد ﷺ إلى العرب فلا يكتفى بنطقه الشهادتين منهم بل لابد من أن ينضم إليهما قول "إلى العرب العالم كافة" يقول الإمام النووي في شرحه على مسلم: "ذكر القاضي عياض معنى هذا وأوضحه، فقال اختصاص عصمة المال بالنفس بمن قال لا إله إلا الله تعبير عن الإجابة إلى الإيمان. وأن المراد بهذا مشركو العرب وأهل الأوثان ومن لا يوحد وهم كانوا أول من دعى إلى الإسلام وقوتل عليه فأما غيرهم ممن يقر بالتوحيد فلا يكتفي في عصمته بقول لا إله إلا الله إذ كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده، ولذلك جاء في الحديث الآخر وأني رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة"اهـ. كلام القاضي شرح النووي على مسلم جـ١ ص ٢٠٧. كما نص على هذا المعنى ابن قدامة المقدسي في المغني، قال: "والثانية" أنه إن كان مقرًا بالتوحيد كاليهود حكم بإسلامه لأن توحيد الله ثابت في حقه وقد ضم إليه الإقرار برسالة محمد ﷺ فكمل إسلامه، وإن كان غير موحد كالنصارى والمجوس والوثنيين لم يحكم بإسلامه حتى يشهد أن لا إله إلا الله وبهذا جاءت أكثر الأخبار وهو الصحيح لأن من جحد شيئين لا يزول جحدهما إلا بإقراره بهما جميعًا، وإن قال أشهد أن النبي رسول الله لم يحكم بإسلامه لأنه يحتمل أن يريد غير نبينا ... وعن عمران بن حصين قال: أصاب المسلمون رجلًا من بني عقيل فأتوا به النبي ﷺ فقال يا محمد إني مسلم فقال ﷺ "لو كنت قلت وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح" رواه مسلم ويحتمل أن هذا في الكافر الأصلي أو من جحد الوحدانية، أما من كفر بجحد نبي أو كتاب أو فريضة ونحوها فلا يصير مسلمًا بذلك – أي بقوله إني مسلم أو نطقه بالشهادتين – لأنه ربما اعتقد أن الإسلام ماهو عليه، فإن أهل البدع كلهم يعتقدون أنهم هم المسلمون ومنهم من هو كافر"اهـ. المغني جـ٨ص١٤٣. ويراجع في نفس المعنى بدائع الصنائع للكاساني جـ٩ص٤٣١٢، فهذا المعنى متواتر في كتب الفقه والعقائد بأجمعها على اختلاف مذاهبها – فابن قدامة حنبلي والنووي شافعي والقاضي عياض مالكي والكاساني حنفي – والشاهد فيه أن نطق الشهادتين باللسان إنما هو معتبر في حالة دلالته على الإسلام، وليس في كل حالة على الإطلاق، والحديث مبسوط في هذا الأمر في كتابنا عن "التوحيد" وغيره فارجع إليه.
1 / 16
(١) القصص ٥٣. (٢) الشورى ١٥. (٣) الأنعام ٥٢. (٤) الإنسان ٩. (٥) الأنفال ٢٨. (٦) متفق عليه. (٧) وقد خالف في هذا – أي إدخال أعمال الجوارح في مسمى الإيمان – بعض فقهاء الكوفة كأبي حنيفة وغيره، ومدار خلافهم في أمرين: (أ) أن مسمى الإيمان يشمل القول دون العمل. (ب) إن الإيمان – بمعناه عندهم – لا يزيد ولا ينقص. فنقول وبالله التوفيق قالوا "إن مسمى الإيمان لا يدخله عمل الجوارح، وجعلوه بذلك مرادفًا للتصديق وهو تصديق مخصوص مستلزم للإقرار والانقياد كما سيتضح بعد فيما سننقله عن أئمتهم في معناه – فلاحظوا بذلك المعنى اللغوي – كما أثبتوه – دون المعنى الشرعي كما قال شارح الطحاوية: "فالإمام أبو حنيفة ﵁ نظر إلى حقيقة الإيمان لغة مع أدلة من كلام الشارع وبقية الأئمة ﵏ نظروا إلى حقيقته في عرف الشرع فإن الشرع ضم إلى ذلك – التصديق- أوصافًا وشرائط". شرح الطحاوية ص ٢٤١. وقد استدلوا على ذلك بأدلة تدل على أن الإيمان هو التصديق دون العمل كقوله تعالى (وما أنت بمؤمن لنا) أي مصدق لنا كما دللوا بمبانيه الإيمان للأعمال الصالحة في التعبير القرآني على افتراقهما في المعنى كقوله تعالى "الذين آمنوا وعملوا الصالحات" فالأعمال إذن ثمرة من ثمرات الإيمان وليست لازمًا من لوازمه، ثم كان من نتيجة هذا النظر أن كان الإيمان – في مصطلحهم – لا يقبل الزيادة ولا النقصان، وإنما تتفاوت مراتب اليقين القلبي، وأما أصل الإيمان – التصديق – فهو مرتبة محفوظة. وننقل هنا من أقوال أئمة الأحناف ما يدل على ما ذكرناه. يقول شارح الفقه الأكبر: " (وإيمان أهل السماء والأرض) أي من الملائكة وأهل الجنة والأنبياء والأولياء وسائر المؤمنين من الأبرار والفجار (لا يزيد ولا ينقص) أي من جهة المؤمن، نفسه، لأن التصديق إذا لم يكن على وجه التحقيق يكون في مرتبة الظن والترديد، والظن غير= = مفيد في مقام الاعتقاد عند أرباب التأييد قال تعالى (إن الظن لا يغني من الحق شيئًا) فالتحقيق أن الإيمان كما قال الإمام الرازي لا يقبل الزيادة والنقصان من حيث أصل التصديق لا من جهة اليقين فإن مراتب أهلها مختلفة في الدين". شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري ص٧٠. وراجع التفسير الكبير للرازي جـ٢ص٢٦. ثم يقول بعدها: "وهذا معنى ما ورد لو وزن إيمان أبي بكر الصديق ﵁ بإيمان جميع المؤمنين لرجح إيمانه يعني لرجحان إيقانه ووقار جنانه وثبات إتقانه وتحقيق عرفانه، لا من جهة ثمرات الإيمان من زيادات الإحسان لتفاوت أفراد الإنسان من أهل الإيمان في كثرة الطاعات وقلة العصيان وعكسه في مرتبة النقصان مع بقاء أهل وصف الإيمان في حق كل منهما بنعت الايقان، فالخلاف لفظي عند أرباب العرفان" السابق ص ٧٠. ويقول صاحب "فيض الباري" العلامة الكشميري: "وأثبت شئ في هذا الباب عقيدة الطحاوي فإنه كتب في أوله أنه يكتب فيه عقائد الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأبى يوسف رحمه الله تعالى، وأحسن شروحه شرح القونوى وهو حنفي المذهب تلميذ ابن كثير ويستفاد منه أن الإمام رحمه الله تعالى إنما نفى الزيادة والنقصان في مرتبة محفوظة كما سيأتي ولا ينفي مطلقًا" فيض الباري شرح البخاري جـ١ص٦٠. وتعليقًا على ذلك نقول: إنه بالنسبة لمسألة دخول الأعمال في مسمى الإيمان فإن الحق – والله أعلم – في جانب جمهور أهل السنة والجماعة الذين اعتبروا إن الإيمان قول وعمل، فالأعمال داخلة في مسماه، فإنه من المقرر في علم الأصول أن اللفظ إن كان له استعمالان لغوي وشرعي قدم المعنى الشرعي على اللغوي. (راجع الموافقات جـ٢ص٢٦٨ وبعدها) . وأما عن مباينة الأعمال الصالحة للإيمان في التعبير القرآني فقد أوضح الإمام ابن تيمية أن ذلك إنما هو من قبيل عطف الخاص على العام كما في قوله تعالى: (من كان عدوًا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين) البقرة ٩٨ ومثاله كثير في القرآن. كما رد ابن تيمية تفصيلًا على ما ذهبت إليه هذه الطائفة من الفقهاء في كتاب "الإيمان" بأكثر من ستة عشر وجهًا فارجع إليها ص٢٤٧ وبعدها، ص٥١ وبعدها وإنما مرادنا هنا هو إثبات ما ذهب إليه جمهور أهل السنة في هذا الأمر والمهم هنا هو أن نبين كذلك أنه وإن كان أبو حنيفة قد قصر لفظ الإيمان على التصديق – الذي هو تصديق مخصوص كما سنبينه بعد – فإنه متفق مع أهل السنة جميعًا على ترتيب الثواب والعقاب على الأعمال – وهو ما فارقته فيه المرجئة – سواء فعلها أو تركها فهم في ذلك سواء. يقول ابن تيمية: "ومما ينبغي أن يعرف أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة هو نزاع لفظي وإلا فالقائلون بأن الإيمان قول من الفقهاء كحماد بن أبي سليمان – وهو أول من قال ذلك ومن اتبعه من أهل الكوفة – وغيرهم متفقون مع جميع علماء السنة على أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد وإن قالوا إن إيمانهم كامل كإيمان جبريل فهم يقولون إن الإيمان بدون العمل المفروض ومع فعل المحرمات يكون صاحبه مستحقًا للذم والعقاب كما تقوله الجماعة..." الإيمان ص٢٥٥. كذلك فإن الحنفية قد جعلوا كثيرا من الأعمال من شرائط الإيمان ومستلزماته، وجعلوا من لم يأتي بها كافرًا، بل توسعوا في ذلك عن سواهم من المذاهب، قال صاحب الفقه الأكبر" "... وفي الخلاصة من وضع قلنسوة المجوس على رأسه قال بعضهم يكفر، وقال بعض المتأخرين إن كان لضرورة برد.. لا يكفر الإيمان وإلا كفر"جـ١٥٥. وكذلك: "وفي الخلاصة من أهدى بيضة إلى المجوسي يوم النوروز كفر أي لأنه أعانه على كفره وإغوائه أو تشبه بهم في أهدائه.." إلى غير ذلك كثيرًا جدًا من الأعمال التي نصوا على كفر فاعلها أو على كفر من لم يتركها "إن كانت من أعمال المشركين" فهم وإن جعلوا الإيمان "التصديق" إلا أن ذلك خلاف لفظي لأن من الأعمال عندهم – بل أكثر مما هي عند غيرهم – ما يكفر فاعله ويخرج عن الملة مطلقًا، ونظرة في كتب فقه الحنفية تؤكد ذلك مما لا يدع مجالا للشك (راجع شرح الفقه الأكبر، الإعلام بقواطع الإسلام للهيثمي) . وأما بالنسبة لمسألة التصديق ومعناه والمراد منه، فقد ذكرنا من قبل أن الأحناف وإن اعتبروا أن الإيمان هو التصديق إلا أنهم جعلوا الإقرار من لوازمه. = فمدار النجاة عندهم – كمداره عند أهل السنة جميعًا – على الالتزام بالطاعة – كما سيتبين بعد في مفهوم الالتزام عند أهل السنة – مع ترك أعمال الشرك جملة، ولم يجعلوه كما يعتقد بعض مرجئة العصر الحديث – هو مجرد نسبة الصدق إلى الخبر أو المخبر، فإن هذا الأمر مما لا يختلف فيه بين أبي حنيفة وبقية الأئمة لمساسه بأصل الدين ومدار النجاة من الكفر المخلد في النار وهذا ما عناه الإمام الكشميري في "فيض البارى" حيث ذكر أن الخلاف بين أبي حنيفة وبقية الأئمة – وإن لم يكن نزاعًا لفظيًا في رأيه – إلا أنه اختلاف في جهة النظر ولكن مدار النجاة عندهم واحد يقول: "ومن ههنا علمت أن الاختلاف ليس من باب الاختلاف في الأنظار بمعنى أن هذا مؤد إلى طرف صحيح وهذا أيضًا لطرف آخر صحيح وعند كل حصة صحيحة، والناتج عند كل واحد ناج عن الآخر وكذلك الهالك عند واحد هالك عند الآخر" فيض البارى جـ٢ص٦٣. وهذا الذي أشار إليه العلامة الكشميري هو ما نريد أن نؤكد عليه هنا، فإن خلاف أبي حنيفة وأصحابه مع بقية أهل السنة إنما هو خلاف لفظي يتناول مدلولات الألفاظ أو خلاف في الأنظار يصل إلى طرف صحيح، وإنما المهم هو أن القدر اللازم للنجاة من الخلود في النار عند كل منهما لا يتغير فأبو حنيفة قد أطلق الإيمان على التصديق ثم جعل شرط قبوله الإقرار بالطاعة، والانقياد - وليس نطق اللسان فقط - لضمان النجاة، وأهل السنة قد أطلقوا الإيمان على التصديق والإقرار والالتزام بالطاعة معًا، وهو المستلزم للانقياد للشرائع عامة وأدخلوا في مسماه الأعمال فيكون بهذا المعنى الإقرار شرطًا عند أبي حنيفة وشرطًا (أو ركنًا) عند بقية أهل السنة. يقول صاحب فيض الباري: ".. فأقول إن الجزء الذي يمتاز به الإيمان والكفر هو التزام الطاعة مع الردع والتبرى عن دين سواه.." إلى قوله: "فهذا هو الصواب في تفسيره. فقد نقل الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى الإجماع على كون هذا الجزء مما لابد منه في باب الإيمان وحينئذ ينبغي أن يراد من الاقرار في قول الفقهاء الاقرار بالتزام الطاعة" الفيض جـ١ من ٥١. وما ذكره في غاية الأهمية للدلالة على أن مراد الفقهاء بالاقرار ليس هو نطق الشهادتين باللسان ولكن هو التزام الطاعة وعدم الانخلاع من الأحكام الشرعية عامة. ثم يبين أن القول بأن الاقرار المنجي هو النطق بالشهادتين يورد إشكالًا يقول: "وههنا إشكال يرد على الفقهاء والمتكلمين وهو أن بعض أفعال الكفر قد توجد من المصدق كالسجود للصنم والاستخفاف بالمصحف، فإن قلنا أنه كافر، ناقض قولنا: "إن الإيمان هو التصديق" ثم يجيب قائلًا: فالحق في الجواب ما ذكره ابن الهمام رحمه الله تعالى وحاصله أن بعض الأفعال تقوم مقام الجحود نحو العلائم المختصة بالكفر. وإنما يجب في الإيمان التبرؤ عن مثلها أيضًا، كما يجب التبرؤ عن نفس الكفر، ولذا قال تعالى: (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) في جواب قولهم (إنما كنا نخوض ونلعب) لم يقل إنكم كذبتم في قولكم بل أخبرهم بأنه بهذا اللعب والخوض اللذين من أخص علائم الكفر خلعوا ربقة الإسلام عن أعناقهم وخرجوا عن حماه إلى الكفر، فدل على أن مثل تلك الأفعال إذا توجد في رجل يحكم عليه بالكفر ولا ينظر إلى تصديقه في قلبه ولا يلتفت إلى أنها كانت منه خوضًا وهزءًا فقط أو كانت عقيدة، ومن ههنا تسمعهم يقولون إن التأويل في ضروريات الدين غير مقبول وذلك لأن التأويل فيها يساوي الجحود. وبالجملة إن التصديق المجامع مع أخص أفعال الكفر لم يعتبره الشرع تصديقًا، فمن أتى بالأفعال المذكورة فكأنه فاقد للتصديق عنده وأوضحه الجصاص فراجعه" الفيض جـ١ ص ٥. فانظر رحمك الله إلى قول كبار أئمة الحنفية - كابن الهمام والكشميري والجصاص - وهم الذين أطلق عليهم بعض العلماء - مرجئة الفقهاء لمجرد أنهم أخرجوا الأعمال من مسمى الإيمان لفظًا فقط رغم اشتراطهم للقدر اللازم منها للنجاة من الخلود في النار كبقية أهل السنة سواء بسواء. يقول شارح الطحاوية مبينًا ذلك: "ولم يقابل لفظ الإيمان قط بالتكذيب كما يقابل لفظ التصديق وإنما يقابل بالكفر.. والكفر لا يختص بالتكذيب بل لو قال أعلم أنك صادق ولكن لا أتبعك بل أعاديك وأبغضك وأخالفك لكان كفرًا أعظم، فعلم أن الإيمان ليس التصديق فقط ولا الكفر التكذيب فقط بل إذا كان الكفر يكون تكذيبًا ويكون مخالفة ومعاداة بلا تكذيب، فكذلك الإيمان يكون تصديقًا وموافقة وموالاة وانقيادًا ولا يكون مجرد التصديق". شرح الطحاوية ص ٢٤٣. ويقول الإمام الطحاوي في المتن: "وأهله - أي أهل الإيمان - في أصله سواء" أي متفقون على أصله المنجي من الخلود في النار الموقع خلافه في الكفر، فالمحصلة إذن واحدة والخلاف وإن كان لفظيًا.. أو خلافًا في النظر كما يرى صاحب الفيض - فالاتفاق حاصل فيما هو مدار النجاة من الكفر، وترتب الثواب والعقاب حسب إتيان الأعمال أو تركها متفق عليه بينهم، والأعمال المكفرة والتي تعرف بها انخرام الأصل وسقوط عقد القلب محددة في مذاهبهم، بل إن الأحناف توسعوا في دلالات الكفر بالأعمال عن سائر المذاهب، كما ذكرنا من قبل، وأما أن يقال إن الإيمان هو التصديق ثم يقابل التصديق بالتكذيب فيكون الكفر هو التكذيب فقط، فذلك ما لم يقله أحد من أئمة السنة لا الأحناف ولا غيرهم، بل إن هذا هو محور بدعة الإرجاء المذمومة كما سنبين بعد إن شاء الله تعالى، كذلك أن يقال إن إخراج الأعمال من مسمى الإيمان يعني عدم حدوث أو ترتب الكفر على عمل من الأعمال فهذا خلاف ما ذهب إليه جميع أهل السنة - بما فيهم الحنفية - بل إن قائل ذلك قد اضطرب فهمه عامة سواء في مفهوم الأحناف للإيمان أو في مفهوم بقية أئمة السنة فيه، كذلك اضطرب في مفهوم الكفر العملي والاعتقادي ومجالهما كما سنبين بعد. ومما يجدر هنا، أن ننقل أثرًا رواه ابن أبي العز في شرحه على الطحاوية يفيد تردد أبي حنيفة في قوله في الإيمان، قال: "إن حماد بن زيد كما روى له حديث أي الإسلام أفضل. الخ قال له: ألا نراه يقول أي الإسلام أفضل؟ قال الإيمان ثم جعل الهجرة والجهاد من الإيمان؟ فسكت أبوحنيفة فقال بعض أصحابه: "ألا نجيبه يا أبا حنيفة قال: بم أجيبه وهو يحدثني بهذا عن رسول الله ﷺ" شرح الطحاوية ص ٢٥٣.
1 / 17
(١) فاطر ٢٩. (٢) كتاب الشريعة للآجرى ص ١١٦. (٣) الإيمان لابن تيمية ص ١٢٤. (٤) السابق ص ٢٦٥. (٥) الإيمان ص ٢٦٦ وبعدها. (٦) فتح الباري لابن حجر جـ١ ص٤٧، الشريعة للآجرى ص١١٤ عن محمد بن علي ﵁. (٧) الأنفال ٢.
1 / 18
(١) التوبة١٢٤. (٢) الفتح ٤. (٣) عن رسالة "الإيمان" لأبي بكر بن أبي شيبة ط المدني ص٩. (٤) شرح الطحاوية لابن أبي العز ص٢٤٧، كتاب الإيمان لابن تيمية ص١٩١.
1 / 19
(١) الشريعة للآجرى ص١١١ وبعدها. (٢) المطففين١٤.
1 / 20