"ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي؟ قلت: بلى. قال: بأي شئ علمت ذلك؟ قلت: كان النجاشي يخرج له خرجًا، فلما أسلم وصدق بمحمد ﷺ قال: لا والله لو سألني درهمًا واحدًا ما أعطيته. فبلغ هرقل قوله فقال له النياق أخوه: أتدع عبدك لا يخرج لك خرجًا ويدين بدين غيرك دينًا محدثًا به. قال هرقل: رجل رغب في دين فاختاره لنفسه، ما أصنع به، والله لولا الضن بملكي لصنعت كما صنع" (١) .
٥- وما ذكره في "زاد المعاد" عن كتاب رسول الله ﷺ إلى النجاشي مع عمرو بن أمية الضمري، وما ذكره أيضًا عن بعثة عمرو بن العاص إلى عبد وجيفر ابني الجلندي، وحواره مع عبد بن الجلندي، يتفق مع ما جاء في سيرة ابن هشام أن عمرو بن العاص بعد غزوة الخندق، وإحساسه باقتراب ظهور أمر رسول الله ﷺ، قرر هو ونفر من قريش أن يرتحلوا إلى الحبشة، فإن ظهرت قريش على رسول الله ﷺ عاد إلى مكة، وإن ظهر رسول الله ﷺ، كان هو عند النجاشي فلا يصل إليه، ثم إنه لما وصل الحبشة، وزار النجاشي، وقرب إليه ما معه من هدايا، وجد عنده عمرو بن أمية الضمري، فسأله أن يعطيه رسول الله ﷺ ليقتله، فغضب النجاشي، وضربه بمروحته ضربة كاد يطير لها أنفه، وقال له: تسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله؟، قلت: أيها الملك أكذاك هو؟، قال: ويحك يا عمرو أطعني واتبعه فإنه والله على الحق، وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده، قال: قلت: أتبايعني على الإسلام؟ قال: نعم، فبسط يده فبايعته على الإسلام، ثم خرجت إلى أصحابي وقد حال رأي عما كان عليه، وكتمت أصحابي إسلامي.
(١) "زاد المعاد" جـ ٣ ص ٦٢.
1 / 113