١- أنهم اعتمدوا في هذا الذي قرروه على ما رواه ابن هشام عن ابن اسحق عن جعفر بن محمد عن أبيه، من خروج الحبشة على النجاشي، وقولهم له: "فارقت ديننا وزعمت أن عيسى عبد؟ قال: فما تقولون في عيسى؟ قالوا: نقول هو ابن الله. فقال النجاشي ووضع يده على صدره على قبائه، وهو يشهد أن عيسى ابن مريم لم يزد على هذا شيئًا، إنما يعني ما كتب في قبائه، وكان قد كتب فيه هو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويشهد أن عيسى ابن مريم عبده ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم، فرضوا وانصرفوا، فبلغ ذلك النبي ﷺ، فلما مات النجاشي صلى عليه واستغفر له".
وما رواه ابن اسحق عن جعفر بن محمد لم يتحدد له وقت، فلعله كان في البداية، ليوافق ما جاء في حديث أم سلمة من خروج رجل من الحبشة عليه. ولكن حديث أم سلمة كله ليس فيه إشارة إلى إسلام النجاشي. والثابت أن رسول الله ﷺ أرسل إليه عمرو بن أمية الضمري بعد غزوة الخندق يدعوه إلى الإسلام، فأخبره النجاشي أنه أسلم على يدي جعفر.
ولم تكن هذه هي بعثة عمرو بن أمية الضمري الأولى إلى النجاشي، بل كانت الأخيرة، أما الأولى فقد كانت بعد غزوة بدر، فيتضح من هذا أن إسلام النجاشي كان بين غزوة بدر وغزوة الخندق، ولقد عاد عمرو وجعفر وكل من في الحبشة من المسلمين عقيب فتح خيبر، وهذا هو بعض حديث أم سلمة: ".. قالت: فقرأ عليه صدرًا من "كهيعص" قالت: فبكى والله النجاشي حتى اخضلت لحيته، وبكت أساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يكادون".
1 / 109