Haqiba Zarqa
الحقيبة الزرقاء: رواية عصرية أدبية غرامية
Genres
IN
ولا مرة واحدة. - وما الداعي؟! - أتى رجل إلى هنا وأودع لك عندي هذه الورقة المالية بقيمة مئة جنيه وهذه الرسالة.
فتناول إدورد البطاقة وقرأ:
حضرة المستر إدورد سميث
بعد السلام. إذا كنت تجد استقلالك أهنأ لك وأشرف، فلا أنكره عليك بل أهنئك به؛ صرت رجلا وبذلك أسر أن أراك تتمتع بحريتك الشخصية، وإن كنت ترى نفسك قد أصبحت في غنى عن عنايتي بك، فلا أظنك تستغني عن قليل من المال في أول مرحلة من مراحل استقلالك؛ ولذلك أرجو منك أن تقبل هذه القيمة الزهيدة الآن، ولا أزال لك عند كل اقتضاء، واقبل فائق احترامي.
جوزف هوكر
قرأ إدورد هذه الرسالة غير مرة وهو يستغرب لهجتها؛ لأنها تراءت له جفاء فاشتد غمه وتزايد غيظه؛ حتى صار يشعر أن كل حرف فيها وخزة في فؤاده، ثم سأل الفندقاني: ألم يقل لك إنه سيأتي ليراني؟ - كلا.
فصعد إدورد إلى غرقته، وأودع رسالة خاله والورقة المالية في مغلف مصمما على أن يردهما له في البريد. ثم جلس إلى مكتبه وبيض القصيدة، ونزل فمر بدار البريد وأرسل المغلف (مسوكرا). على أن إدورد تسرع فيما فعل وفيما ظنه من جفاء خاله؛ لأن خاله لو لم يكن ينوي زيارته لما أتى إلى الفندق وأودع له الورقة المالية عند الفندقاني، بل كان قد أرسلها في البريد. ولكن هو نزق الشباب يتزايد في حال الغضب، ثم قصد إدورد إلى إدارة جريدة «الدايلي ميل»، وعرض القصيدة بواسطة الخادم على المدير، فردها هذا من غير أن يقرأها وكتب له على بطاقة:
نشرنا قصيدة النرجسة فكان صداها ضعيفا جدا؛ ولذلك نأسف على أننا لا نقدر أن ندفع ثمنا لهذه القصيدة الثانية، ومع ذلك نؤمل أنك بمزاولة النظم تبلغ شأوا بعيدا في الشعر.
وقد ظن إدورد أن المدير قرأها وتأملها جيدا فلم ترق له، فعاد إلى غرفته كاسف البال وهو يعتقد أن القصيدة لا تصلح؛ فاستحى أن يعرضها على جريدة أخرى لئلا يخذل أشد من هذا الخذلان.
Unknown page