133

Guide for the Preacher to the Evidence of Sermons

دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ

Genres

إن الشرك والضلال والانحراف الذي وقع في الجاهلية الأولى، ومن بعدهم إنما وقع نتيجة الابتداع في دين الله تعالى.
كانت العرب على دين التوحيد منذ أن بنََى إبراهيم الخليل وإسماعيل سدد خطاكم البيت الحرام، حتى ظهر رجل يقال له: عمرو بن لُحَيّ الخُزاعي، هذا الرجل ذهب في رحلة إلى الشام، فوجد أُمّةً متحضرة ليست مثل العرب تسكن الخيام وترعى الغنم والإبل، وجد هناك حضارة، وأنظمةً، وملكًا، وأبهةً، فغَرَّتْه تلك المظاهر، ثم تأمل في دينهم فوجدهم يعبدون الأصنام، إذ أنهم يصورون الصور، ويضعونها في الكنائس كصورة عيسى ﵇، وصورة مريم العذراء، وغيرها من الأنصاب والتماثيل، ثم يعبدونها من دون الله، فاستحسن هذا الأمر، لأنه صادر عن أمة متحضرة وليست كالعرب.
فأخذ هذه الصور وجاء بها إلى مكة ووضعها العرب بالكعبة فكان هذا الرجل أول من غير ملة إبراهيم ﵇ من التوحيد إلى الشرك.
بل جاءت رسالة محمد ﵌ تصحيحًا للشرك الذي وقع فيه العرب بعد أن كانوا على ملة التوحيد، فمن جاء ليصرفنا عن ملة التوحيد، التي وحّدنا الله ﵎ بها بعد الفرقة، وجمعنا بها بعد الشتات، وأنار بها قلوبنا بعد الظلمة، فلا طاعة له، لأن محمدًا ﵌ ليس إمامه وقدوته، وإنما إمامه وقدوته عمرو بن لحي.
• التوحيد التوحيد! والسنة السنة! من تمسك بهما نجا:
سنة النبي ﵌ هي سفينة نوح، من تمسك بها نجا، ومن حاد عنها غرق وهلك، وإن زعم أنه سيأوي إلى جبل يعصمه من الماء، لا عاصم أبدًا من عذاب الله، إلا باتباع سنة رسول الله ﵌، ولا طريق إلى الله إلا باتباع سنة محمد ﵌، كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ (آل عمران: ٣١).

1 / 140