وقالوا الوفاء ضالة كثير ناشدها قليل واجدها كما قيل الوفاء من شيم الكرام والغدر من خلائق اللئام وقالوا إذا ترك الوفاء نزل البلاء ويقال من أودع الوفاء صدور الرجال ملك أعناقهم ومن أمثالهم في ذلك أوفى من السموأل وهو السموأل بن عادياء بن حياء اليهودي صاحب قصر تيماء المسمى بالأبلق الفرد ومن خبره أن امرأ القيس كان قاصدًا للشأم فأودع السموأل أدراعه وكراعه فمات امرؤ القيس بأنقرة فقصد السموأل بعض ملوك غسان يطلب منه ما كان أودعه امرؤ القيس عنده فأبى أن يسلمه له فقال إن لم تسلمه ذبحت ولدك وكان قد أسره عند نزوله على القصر فقال أبلني الليلة ثم جمع أهله واستشارهم فكل أشار بأن يدفع إليه ما طلبه منه فلما أصبح قال له ليس إلى دفعها سبيل فافعل ما بدا لك فذبح الملك ولده ورحل عنه ثم إن السموأل وافى الموسم بالادراع فدفعها لورثة امرئ القيس وفيه يقول الأعشى يخاطب شريح بن السموأل بن عادياء وقيل شريح بن حصن بن السموأل وقيل شريح بن عمران بن السموأل من أبيات
كن كالسموأل إذ طاف الهمام به ... في جحفل كسواد الليل جرّار
بالأبلق الفرد من تيماء منزله ... حصن حصين وجار غير غدّار
فسامه خطتي خسف فقال له ... قل ما بدا لك إني مانع جاري
فقال ثكل وغدر أنت بينهما ... فاختر وما فيهما حظ لمختار
فشك غير طويل ثم قال له ... اقتل أسيرك إني مانع جاري
فقال تقدمة إذرام يقتله ... أشرف سموأل فانظر في الدم الجاري
أأقتل ابنك صبرًا أو تجئ بها ... طوعًا فأنكر هذا أيّ إنكار
فشك أوداجه والصدر في مضض ... عليه منطويًا كاللذع بالنار
واختار ادراعه من أن يسببها ... ولم يكن عهده فيها بختار
وقال لا أشتري عارًا بمكرمة ... فاختار مكرمة الدنيا على العار
والصبر منه قديمًا شيمة خلق ... وزنده في الوفاء الثاقب الواري
1 / 43