ويقال الانسان يضارع الملك بقوة الفكر والتمييز ويضارع البهيمة بقوة الشهوة والغذاء فمن صرف همته إلى رتبة الفكر والتمييز حتى يرى بهما عاقبة فعله فحقيق أن يلحق بالملائكة فيسمى ملكًا لطهارة أخلاقه ومن صرف همته إلى رتبة القوة الشهوانية بإيثار اللذة البدنية يأكل كما تأكل الانعام فحقيق أن يلحق بالبهائم فيصير إما غمرًا كثور أو شرهًا كخنزير أو ضريًا ككلب أو حقودًا كجمل أو متكبرًا كنمر أو رواغًا كثعلب أو جامعًا لذلك كشيطان ولقد صدق من قال
وإذا الفتى ساس الأمور بعلمه ... وأعين بالتأديب والتهذيب
سمت الأمور به فيبرز سابقًا ... في كل حال مشهد ومغيب
اللهم كما خلقت الانسان بقدرتك في أحسن تقويم وأعليته باختصاصك له ذروة التكريم وهديته بإرادتك نجدى الخير والشر وصرفته بقضائك في عناني النفع والضر روض اللهم جوامح نفوسنا إلى اقتفاء أثر الأكارم واقتناء ما يبعث على حمدها من صنوف المكارم وذد اللهم سوائم طباعنا عن مراتع الملاوم ومرابع ما يتوجه به علينا لوم اللوائم فإليك الخذلان والعون وبيدك أزمة المكان والكون وهذا أوان انشقاق كمائم هذا الكتاب عما أكنته من زهرات الآداب واهتصار أفنان فنونه الدانية القطاف المتسقة بأنواع التحف والألطاف
الباب الأول في الكرم وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في وصف الأخلاق الحسان المتخلقة بها نفوس الأعيان الفصل الثاني في ذكر الصنائع والمآثر المفصحة عن أحساب الأكابر الفصل الثالث في ذم التخلق بالاحسان إذا لم يوافق القلب اللسان
الباب الثاني في اللؤم وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في ذم من ليس له خلاق وما اتصف به من قبيح الأخلاق الفصل الثاني في ذكر الفعل والصنيع الدالين على لؤم الوضيع الفصل الثالث في أن من تخلق باللؤم انتفع وعلا على الكرام وارتفع
1 / 16