29

Ghidhaʾ al-albāb fī sharḥ manẓūmat al-ādāb

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Publisher

مؤسسة قرطبة

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

مصر

Genres

Sufism
بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ اسْمِ فَاعِلٍ مِنْ أَرْشَدَ، يُقَالُ رَشَدَ كَنَصَرَ وَفَرِحَ رُشْدًا وَرَشَدًا وَرَشَادًا اهْتَدَى كَاسْتَرْشَدَ، وَاسْتَرْشَدَهُ طَلَبَهُ، وَالرَّشَدَى كَجَمَزَى اسْمٌ مِنْهُ، وَأَرْشَدَهُ اللَّهُ هَدَاهُ، وَالرُّشْدُ الِاسْتِقَامَةُ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ مَعَ تَصَلُّبٍ فِيهِ. وَالرَّشِيدُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى أَيْ الْهَادِي إلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ وَاَلَّذِي حَسُنَ تَقْدِيرُهُ فِيمَا قَدَّرَ، وَالْمُرَادُ بِالْمُرْشِدِ هُنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَإِنَّهُ خَيْرُ مَنْ دَعَا إلَى اللَّهِ وَهَدَى إلَى سَوَاءِ سَبِيلِهِ بِقَالِهِ وَحَالِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ تَعَلُّمَ الْآدَابِ وَحُسْنِ السَّمْتِ وَالْقَصْدَ وَالْحَيَاءَ وَالسِّيرَةِ مَطْلُوبٌ شَرْعًا وَعُرْفًا.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ الْهَدْيَ الصَّالِحَ وَالسَّمْتَ وَالِاقْتِصَادَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ» .
وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا إذَا أَتَوْا الرَّجُلَ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ نَظَرُوا إلَى سَمْتِهِ وَصَلَاتِهِ وَإِلَى حَالِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُونَ عَنْهُ.
وَقَالَ عُمَرُ ﵁: تَأَدَّبُوا ثُمَّ تَعَلَّمُوا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اُطْلُبْ الْأَدَبَ فَإِنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْعَقْلِ، وَدَلِيلٌ عَلَى الْمُرُوءَةِ مُؤْنِسٌ فِي الْوَحْدَةِ، وَصَاحِبٌ فِي الْغُرْبَةِ، وَمَالٌ عِنْدَ الْقِلَّةِ. رَوَاهُ الْأَصْبَهَانِيّ فِي مُنْتَخَبِهِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيُّ: أَدَبُ الْعِلْمِ أَكْثَرُ مِنْ الْعِلْمِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: لَا يَنْبُلُ الرَّجُلُ بِنَوْعٍ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يُزَيِّنْ عِلْمَهُ بِالْأَدَبِ. ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ.
وَيُرْوَى عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: طَلَبْت الْعِلْمَ فَأَصَبْت مِنْهُ شَيْئًا، وَطَلَبْت الْأَدَبَ فَإِذَا أَهْلُهُ قَدْ بَادُوا.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لَا أَدَبَ إلَّا بِعَقْلٍ، وَلَا عَقْلَ إلَّا بِأَدَبٍ.
وَكَانَ يُقَالُ: الْعَوْنُ لِمَنْ لَا عَوْنَ لَهُ الْأَدَبُ.
وَقَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: الْأَدَبُ نُورُ الْعَقْلِ كَمَا أَنَّ النَّارَ نُورُ الْبَصَرِ.

1 / 36