Ghidha Albab
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Publisher
مؤسسة قرطبة
Edition Number
الثانية
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
مصر
Genres
Sufism
اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ، وَامْتِثَالَ الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ أَمْرَ اللَّهِ فِي إخْفَاءِ حَالِهِمْ وَإِجْرَاءَ.
حُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ مُجَازَاةً لَهُمْ بِمِثْلِ صَنِيعِهِمْ صُورَةَ صُنْعِ الْمُخَادِعِينَ. وَفِي الْقَامُوسِ: وَإِذَا خَادَعُوا الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ خَادَعُوا اللَّهَ. وَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ: وَالْمُخَادَعَةُ هُنَا مِنْ وَاحِدٍ كَعَاقَبْتُ اللِّصَّ وَذِكْرُ اللَّهِ فِيهَا تَحْسِينٌ. انْتَهَى.
الْخَدِيعَةُ لَا تَلِيقُ بِالْمُؤْمِنِينَ، إذْ هِيَ تُنَافِي النُّصْحَ وَسَلَامَةَ الصُّدُورِ وَالْمَوَدَّةَ وَالْمَحَبَّةَ، وَتُنْبِتُ الْإِثْمَ وَالْبَغْيَ وَالْغِلَّ وَالْحَسَدَ وَالْحِقْدَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ﵄ قَالَ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ كُلُّ مَحْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ. قَالُوا صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَحْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ لَا إثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ» .
وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْأَوْلِيَاءِ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا قَالَ ﷺ «إنَّ بُدَلَاءَ أُمَّتِي لَمْ يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِكَثْرَةِ صَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ وَلَا صَدَقَةٍ لَكِنْ دَخَلُوهَا بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَسَخَاوَةِ الْأَنْفُسِ وَسَلَامَةِ الصُّدُورِ» . .
مَطْلَبٌ: فِي السُّخْرِيَةِ وَالْهُزُوِ وَمَا وَرَدَ فِيهِمَا
(وَ) يَحْرُمُ (سُخْرِيَةٌ وَالْهُزُوُ) وَهُمَا لَفْظَانِ مُتَرَادِفَانِ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْهُزُوُ السُّخْرِيَةُ وَفِي الْحَدِيثِ «أَتَسْخَرُ مِنِّي وَأَنْتَ الْمَلِكُ»؟ أَيْ أَتَهْزَأُ بِي.
وَفِي الْقَامُوسِ هَزَأَ مِنْهُ وَبِهِ كَمَنَعَ وَسَمِعَ هُزْءًا وَهُزُءًا وَمَهْزُأَةً سَخِرَ كَتَهَزَّأَ وَاسْتَهْزَأَ، وَرَجُلٌ هُزْأَةٌ بِالضَّمِّ يُهْزَأُ مِنْهُ وَكَهُمَزَةٍ يَهْزَأُ بِالنَّاسِ. وَقَالَ سَخِرَ مِنْهُ وَبِهِ كَفَرِحَ سَخَرًا وَسُخْرًا وَسُخْرَةً هَزِئَ كَاسْتَخَرَ وَالِاسْمُ السُّخْرِيَةُ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ﴾ [الحجرات: ١١] قَالَ الضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي وَفْدِ تَمِيمٍ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِفُقَرَاءِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ مِثْلِ عَمَّارٍ وَخَبَّابٍ وَبِلَالٍ وَصُهَيْبٍ وَسَلْمَانَ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ لِمَا يَرَوْنَ مِنْ رَثَاثَةِ حَالِهِمْ.
وَالْقَوْمُ وَإِنْ كَانَ اسْمًا يَجْمَعُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ، فَمِنْ ثَمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ﴿وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ﴾ [الحجرات: ١١] وَقَدْ رَوَى
1 / 130