تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر:
كهز الرديني ثم اضطرب
وزمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك . وقد جاء بثم ولا مهلة كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس :زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة . فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته . فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام . فما قطع العرش مسافة ، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه. وكان ذلك على يدي بعض أصحاب (1) سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى "ووهبنا لداود سليمان . والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام (67 -ب) لا بطريق الوفاق أو 14 الاستحقاق . فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة . وأما علمه فقوله تعالى "ففهمناها سليمان " مع نقيض الحكم ، وكلا آتاه الله حكما وعلما فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله ، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ (2) كان الحاكم بلا واسطة . فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق . كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران ، والمخطىء لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم ورتبة داود عليه السلام . فما أفضلها من أمة . ولما رأت بلقيس عرشها
Page 156