81

Al-Fuṣūl fī al-uṣūl

الفصول في الأصول

Publisher

وزارة الأوقاف الكويتية

Edition

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

الكويت

قِيلَ (لَهُ): الَّذِي نَقُولُ فِي ذَلِكَ: إنَّ هَذَا السَّامِعَ إنْ كَانَ سَأَلَ الرَّسُولَ ﵇ عَنْ حَادِثَةٍ حَدَثَتْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا قُرْآنًا أَوْ أَجَابَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِيهَا بِجَوَابٍ فَعَلَيْهِ إمْضَاءُ الْحُكْمِ عَلَى ظَاهِرِ مَا سَمِعَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ طَلَبُ الدَّلِيلِ مِنْ غَيْرِهِ فِي خُصُوصِهِ أَوْ عُمُومِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَاصًّا (لَمَا) تَرَكَ النَّبِيُّ ﷺ بَيَانَهُ فِي الْحَالِ الَّتِي أَلْزَمَ فِيهَا تَنْفِيذَ الْحُكْمِ مَعَ جَهْلِ السَّائِلِ. وَأَمَّا مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَذْكُرُ حُكْمًا مُبْتَدَأً مُعَلَّقًا بِعُمُومِ لَفْظٍ مِنْ غَيْرِ حَادِثَةٍ سُئِلَ عَنْ حُكْمِهَا أَوْ سَمِعَ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ مُبْتَدَأَةً وَالسَّامِعُ لِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ فَكَانَ مُخَاطَبًا بِمَعْرِفَةِ حُكْمِهَا.
فَقَدْ قِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: إنَّهُ لَيْسَ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِظَاهِرِهَا حَتَّى يَسْتَقْرِئَ الْأُصُولَ وَدَلَائِلَهَا، هَلْ فِيهَا مَا يَخُصُّهَا، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ فِيهَا دَلَالَةَ التَّخْصِيصِ أَمْضَاهَا عَلَى عُمُومِهَا، وَأَمَّا الْعَامِّيُّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ إذَا سُئِلَ عَنْ حُكْمِ حَادِثَةٍ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ قَبُولُ قَوْلِهِ فَأُجِيبَ فِيهَا بِجَوَابٍ مُطْلَقٍ أَمْضَاهُ عَلَى مَا سَمِعَهُ وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرْنَا تَرْكُ الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ وَلَا مُوَافَقَةٌ لِأَصْحَابِ الْوَقْفِ، مِنْ قِبَلِ أَنَّا إنَّمَا نَظَرْنَا مَعَ سَمَاعِ اللَّفْظِ فِي دَلَالَةِ التَّخْصِيصِ فَمَتَى عَدِمْنَاهَا كَانَ الْمُوجِبُ لِلْحُكْمِ هُوَ اللَّفْظَ الْعَامَّ وَلَمْ نَحْتَجْ مَعَ اللَّفْظِ (إلَى) دَلَالَةٍ أُخْرَى فِي إيجَابِ الْحُكْمِ وَشُمُولِهِ فِيمَا انْتَظَمَهُ الِاسْمُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَائِلِينَ بِالْوَقْفِ أَنَّهُمْ يَقِفُونَ فِي حُكْمِ اللَّفْظِ حَتَّى يَجِدُوا دَلِيلًا مِنْ غَيْرِهِ عَلَى وُجُوبِ الْحُكْمِ بِهِ. وَنَحْنُ نَقِفُ لِنَنْظُرَ هَلْ فِي الْأُصُولِ مَا يَخُصُّهُ أَمْ لَا.
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنَّ مَنْ كَانَ مُخَاطَبًا بِحُكْمِ اللَّفْظِ فَلَيْسَ يُخَلِّيهِ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ سَمَاعِ اللَّفْظِ مِنْ إيرَادِ دَلَالَةِ التَّخْصِيصِ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ كَالِاسْتِثْنَاءِ الْمَنُوطِ بِالْجُمْلَةِ.

1 / 128