82

Fusul Fi Usul

الفصول في الأصول

Publisher

وزارة الأوقاف الكويتية

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

الكويت

وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبًا بِالْحُكْمِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ (لَمْ) يَسْمَعْهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَقِدَ فِيهِ عُمُومًا وَلَا خُصُوصًا. وَقَدْ تَعَسَّفَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يُفَصِّلْ الْجَوَابَ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ هَذَا التَّفْصِيلَ، وَقَالَ أُمْضِي اللَّفْظَ عَلَى الْعُمُومِ، وَهَذَا خَبْطٌ وَجَهْلٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ مَنْ عَلِمَ أَنَّ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَامًّا وَخَاصًّا وَنَاسِخًا وَمَنْسُوحًا فَاعْتَقَدَ الْعُمُومَ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ (عَامًّا أَوْ خَاصًّا) فَقَدْ أَقْدَمَ عَلَى اعْتِقَادِ مَا لَا يَعْلَمُ صِحَّتَهُ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْزِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (مَعَ ذَلِكَ) إقَامَةَ دَلَالَةِ تَخْصِيصٍ، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَدْ أَلْزَمَهُ اعْتِقَادَ خِلَافِ مُرَادِهِ، وَهَذَا مُتَنَاقِضٌ فَاسِدٌ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَمْ أَجِدْ آيَةً وَخَبَرًا إلَّا خَاصًّا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ اللَّفْظِ الْخُصُوصُ وَإِنَّهُ إنَّمَا يُصْرَفُ إلَى الْعُمُومِ بِدَلَالَةٍ. قِيلَ (لَهُ): وَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ مَا قُلْت لَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْت وَمَا أَنْكَرْت أَنْ تَكُونَ حَقِيقَتُهُ الْعُمُومَ وَإِنَّمَا يُصْرَفُ إلَى الْخُصُوصِ بِدَلَالَةٍ، وَكُلُّ آيَةٍ أَوْ خَبَرٍ وَجَدْته خَاصًّا فَلَمْ يَخْلُ مِنْ مُقَارَنَتِهِ لِدَلَالَةٍ أَوْجَبَتْ خُصُوصَهُ وَإِزَالَتَهُ عَنْ الْعُمُومِ، وَعَلَى أَنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْآيِ (الْعَامَّةِ) الْمُسْتَوْجِبَةِ لِمَا تَحْتَ الِاسْمِ مِنْ أَنْ يَحْصُرَهُ هَذَا الْبَابُ، نَحْوُ قَوْلِهِ ﴿إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الأنفال: ٧٥] وقَوْله تَعَالَى ﴿يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ

1 / 129