وقبل الاختلاف في الاحتياج إلى زيادة قيد الاستدلال فيما إذا تعلق عن الأدلة بالعلم أما إذا تعلق بالأحكام أو الفرعية لأن لها معنى الوصفية فلا.
قلنا لو أريد قيد الحيثية أي العلم بالأحكام من حيث هي متفرعة عن الأدلة لم يكن فرق بين التعلقين وقد يقيد الأحكام بالتي لا يعلم كونها من الدين ضرورةً لإخراج مثل وجوب الصلاة والصوم وليس بصحيح لأنه منه إلا أن يصطلح وربما يزاد عليه قيد انضمام العمل لوجوه:
١ - إن الحكمة التي هي في اللغة العلم مع العمل فسرها ابن عباس ﵁ بالفقه.
٢ - مقارنة الخير الكثير بها في قوله تعالى ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا﴾ [البقرة: من الآية ٢٦٩] ولا يقارن العلم إلا بذلك.
٣ - دلالة موضع الاشتقاق نحو طبا فقيهًا بذوات إلا بلام.
٤ - أنه الفقه مندوب إليه بقوله تعالى ﴿فَلَوْلا نَفَرَ﴾ [التوبة: من الآية ١٢٢] وبالحديث والعلم المجرد عن العمل ليس كذلك بل مذموم لقوله تعالى ﴿كمَثَلِ الْكَلْبِ﴾ [الأعراف: من الآية ١٧٦] و﴿كمَثَلِ الْحِمَارِ﴾ [الجمعة: من الآية ٥] و﴿لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: من الآية ٢] وبالحديث.
٥ - أنه وصفهم بالإنذار المقصود به الحذر ولا يستحق فاعله مدحًا ولا فعله رواجًا إلا بالعمل لقوله تعالى ﴿أَتَأمُرُونَ النَّاسَ﴾ [البقرة: من الآية ٤٤] الآية وعدم اشتراطه في الأمر بالمعروف أمر آخر لا ينافي هذا.
ولما كان ماهية العلم اعتبار انضمام العمل جزءًا من العلم والتحقيق أن كمال العلم بالعمل فالقولان اعتبار المكمل جزءًا وعدمه كما في العمل مع الإيمان ولا مساحة في التسمية لكن الأخير أنسب لغةً وشريعةً.
والفرق على مذهب الحنفية أن الإيمان بدون العمل منجٍ عن عقاب الكفر بالآتية والحديث إلا عند الخوارج والعلم بدونه ليس بمنج عن عقاب الفسق بل يقتضي شدته بالحديث.
وعلى مذهب الشافعية أن الإيمان مبطن له أحكام جارية بين العامة متعدية إلى الكافة فنبط بأمور ظاهرة تدل عليه كالإقرار من جملتها والعمل فعد من أجزائه مثله بخلاف العلم إذ ليس له حكم متعد ليحتاج إلى الأدلة الظاهرة فلم يجعل العمل من أجزائه تحصيل فالأركان عندهم ثلاثة لأنه إن لم يكن مقوّمًا فركن مكمل كالعمل في الفقه عند من يقول
1 / 13