فصل
فِيمَا ادَّعَاهُ الْمجد من أَن الْجَوْهَرِي وهم فِيهِ دَعْوَى مُجَرّدَة عَن الدَّلِيل لَا تتفق عِنْد غير أسراء التَّقْلِيد فعلى الْمنصف أَن يقف فِي مقَام الْمَنْع قَائِلا لَا أسلم ذَلِك فِي الْأَكْثَر إِلَّا بِدَلِيل فَإِن أَوْهَام الصِّحَاح يسيرَة كَمَا نَص عَلَيْهِ الْأَئِمَّة يعرفهَا من اشْتغل بِهَذَا الْفَنّ معرفَة لَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى التَّقْلِيد
وَسَنَد الْمَنْع أَنا من إِمَامَة الْجَوْهَرِي وعدالته على يَقِين اعْتمد صحاحه أَئِمَّة اللُّغَة والمصنفون
وَأما الْقَامُوس وَإِن اعْتَمدهُ أهل عصرنا فَلَيْسَ فيهم من بلغ رُتْبَة أحد أُولَئِكَ الْأَئِمَّة
على أَنا تتبعنا كثيرا مِمَّا ادَّعَاهُ الْمجد وَغَيره أَن الْجَوْهَرِي وهم فِيهِ فوجدناه صَحِيحا
وَقد أبان ذَلِك شَيخنَا ابْن الطّيب فِي شَرحه للقاموس مَعَ أَن الْمجد رَحمَه الله تَعَالَى اتبع الْجَوْهَرِي فِي بعض أَوْهَامه كَقَوْلِه أهراق المَاء إهراقا وَالصَّوَاب إهراقة لِأَن زِيَادَة الْهَاء غير مُعْتَد بهَا لشذوذها
فَهِيَ فِي حكم الرباعي نَحْو أَقَامَ إِقَامَة لَا الخماسي وَنَظِيره إستطاع بِقطع الْهمزَة لَا بوصلها كَمَا نَقله الْمجد عَن بعض الْعَرَب بِمَعْنى أطَاع الرباعي
وَمِمَّا يدل على صِحَة مَا قُلْنَاهُ من أَنه لَا يَنْبَغِي التَّقْلِيد فِي مثل ذَلِك أَن الذَّهَبِيّ على جلالة قدره قَالَ فِي النبلاء عِنْد ذكر الْجَوْهَرِي
وَيُقَال إِنَّه بَقِي عَلَيْهِ من الصِّحَاح مسودة بيضها تِلْمِيذه إِبْرَاهِيم بن صَالح الْوراق فغلط فِي مَوَاضِع حَتَّى قَالَ الجراصل الْجَبَل فصحف وَعمل الْكَلِمَتَيْنِ كلمة وَإِنَّمَا هِيَ الْجَرّ أصل الْجَبَل انْتهى
قلت الَّذِي وقفت عَلَيْهِ فِي نُسْخَة من الصِّحَاح عَلَيْهَا خطّ ياقوت فِي بَاب الرَّاء مَا لَفظه الْجَرّ أَيْضا أصل الْجَبَل انْتهى
وَلم يذكرهُ فِي بَاب اللَّام
1 / 32