الصَّحَابَة ﵃ والقائم بِوَاجِب هَذَا الْأَمر لقلته غَرِيب
وَجَاء التابعون لَهُم بِإِحْسَان فسلكوا سبيلهم لكِنهمْ قلوا فِي الإتقان عددا فَمَا انْقَضى زمانهم على إحسانهم إِلَّا وَاللِّسَان الْعَرَبِيّ قد اسْتَحَالَ أعجميا أَو كَاد فَلَا ترى المشتغل بِهِ والمحافظ عَلَيْهِ إِلَّا الْآحَاد
فَلَمَّا أعضل الدَّاء وَعز الدَّوَاء ألهم الله تَعَالَى جمَاعَة من أولي المعارف والنهى صرفُوا إِلَى هَذَا الشَّأْن طرفا من عنايتهم حراسة لَهُ من الضّيَاع
فَأول من صنف فِي جمع اللُّغَة الْخَلِيل بن أَحْمد لَهُ كتاب الْعين الْمَشْهُور هُوَ أصل الْكتب المصنفة فِي اللُّغَة لَكِن أطبق الْجُمْهُور على الْقدح فِيهِ حَتَّى قيل إِنَّه أَو أَكْثَره لبَعض أَتْبَاعه
قَالَ الْمفضل بن سَلمَة الْكُوفِي فِي ذكر صَاحب الْعين إِنَّه بَدَأَ كِتَابه بِحرف الْعين لِأَنَّهَا أقْصَى الْحُرُوف مخرجا
وَالَّذِي ذكره سِيبَوَيْهٍ أَن الْهمزَة أقْصَى الْحُرُوف مخرجا
قَالَ ابْن كيسَان سَمِعت من يذكر عَن الْخَلِيل أَنه قَالَ لم أبدأ بِالْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ يلْحقهَا النَّقْص والتغيير وَلَا بِالْألف لِأَنَّهَا لَا تكون فِي أول الْكَلِمَة وَلَا بِالْهَاءِ لِأَنَّهَا مهموسة خَفِيفَة لَا صَوت لَهَا
وَلَيْسَ الْعلم بِتَقْدِيم شَيْء على شَيْء لِأَنَّهُ كُله مُحْتَاج إِلَيْهِ فَبِأَي شَيْء بدأت كَانَ حسنا وللخليل عدَّة مصنفات
قيل وسمى إِسْحَاق بن مرار الشَّيْبَانِيّ كِتَابه الْجِيم لِأَنَّهُ بَدَأَ فِيهِ بِالْجِيم وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُ لم يبْدَأ فِيهِ بِهِ
قلت وسمى أَبُو تَمام كِتَابه الحماسة بذلك لِأَنَّهُ بَدَأَ فِيهِ بِبَاب فِي الحماسة وَهُوَ أكبر أبوابه
وَلم أر لأحد نصا على وَجه تَسْمِيَته بذلك بعد الْبَحْث
1 / 26