Fiqh al-daʿwa fī Ṣaḥīḥ al-Imām al-Bukhārī
فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري
Publisher
الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢١ هـ
Genres
السادس عشر: من أساليب الدعوة: إخبار الداعية عن تفريطه وتقصيره تحذيرا لغيره إذ ظهرت المصلحة: إن من أساليب الدعوة إخبار الداعية- في بعض الأحيان- عن تقصيره وتفريطه، وعن سبب ذلك تحذيرا ونصيحة لغيره، إذا تيقن أن في ذلك مصلحة للمدعو، وقد بين الإمام ابن القيم ﵀ أن ذلك مما يستفاد من قصة كعب ﵁ فقال: " فمنها: جواز إخبار الرجل عن تفريطه وتقصيره في طاعة الله ورسوله ﷺ وعن سبب ذلك، وما آل إليه أمره، وفي ذلك من التحذير، والنصيحة، وبيان طرق الخير والشر، وما يترتب عليها ما هو من أهم الأمور " (١).
السابع عشر: أهمية إنكار الغيبة وردها: إن من الأمور المهمة التي ينبغي للداعية أن يردها وينكر على صاحبها: الغيبة، وقد جاء ذلك في هذا الحديث، قال الإمام ابن القيم ﵀: " ومنها: جواز الرد على الطاعن إذا غلب على ظن الراد أنه وهم وغلط، كما قال معاذ للذي طعن في كعب: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا. . " (٢).
فينبغي للداعية وغيره من المسلمين أن يرد الغيبة عن أخيه المسلم ولا تقبل من قائلها في مجلسه، ولهذا بين النبي ﷺ عظم ثواب من رد الغيبة عن أخيه المسلم فقال: «من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة». (٣).
الثامن عشر: أهمية قول الداعية لما لا يعلمه: الله أعلم: إن من العلم أن يقول الداعية لمن سأله عن شيء لا يعلمه: الله أعلم، أو لا أدري. وقد دل هذا الحديث على ذلك، حين قال أبو قتادة لكعب ﵄: " الله ورسوله أعلم ".
وقول الداعية لما لا يعلمه: لا أدري، أو لا أعلم، أو سأراجع المسألة دليل على علمه وورعه وتقواه؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٣] (٤)
(١) زاد المعاد ٣/ ٥٧٣، وانظر: فتح الباري لابن حجر، ٨/ ١٢٣.
(٢) زاد المعاد ٣/ ٥٧٥، وانظر: فتح الباري لابن حجر، ٨/ ١٢٤.
(٣) أخرجه الإمام أحمد ٦/ ٤٥٠، والترمذي، في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الذب عن عرض المسلم ٤/ ٣٢٧ برقم ١٩٣١، وقال: هذا حديث حسن، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير ٥/ ٢٩٥.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ٣٣.
1 / 118