فعلى الداعية أن يكون قدوة في الخير للمدعوين، وأن يتأسى برسول ﷺ فيما يصيبه من السراء والضراء وفي كل أحواله، وأن يتأسى بأهل العلم المخلصين. والله المستعان (١).
الرابع عشر: من موضوعات الدعوة: التحذير من المعاصي وبيان عِظَمِ أمرها: إن من أهم الموضوعات التي ينبغي للداعية العناية بها وتوضيحها للناس: التحذير من المعاصي وبيان أضرارها وأخطارها على المجتمع المسلم.
قال الحافظ ابن حجر ﵀: " وفيها: عظم أمر المعصية، وقد نبَّهَ الحسن البصري على ذلك فيما أخرجه ابن أبي حاتم عنه قال: يا سبحان الله ما أكل هؤلاء الثلاثة مالا حراما، ولا سفكوا دما حراما، ولا أفسدوا في الأرض، أصابهم ما سمعتم، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فكيف بمن يواقع الفواحش والكبائر؟ " (٢).
فعلى الداعية أن يعتني بهذا الموضوع عناية فائقة؛ لشدة خطره على الفرد والمجتمع.
الخامس عشر: أهمية المداومة على الخير: دل هذا الحديث على أهمية المداومة على الخير، وقد ذكر الحافظ ابن حجر ﵀ أن مما يستفاد من هذا الحديث: التزام المداومة على الخير الذي ينتفع به (٣) وهذا واضح من حديث كعب ﵁ حيث قال: «يا رسول الله إنما أنجاني الله بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت. فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث- منذ ذكرت ذلك لرسول الله ﷺ أحسن مما أبلاني (٤) ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله ﷺ إلى يومي هذا كذبا وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت». . ".
فعلى المسلم وخاصة الداعية إلى الله تعالى أن يداوم ويلتزم الأعمال الصالحة ولا يقطعها كما داوم كعب ﵁ على الصدق، ويسأل الله ﷿ أن يعينه على ذلك.
(١) انظر: الحديث رقم ٨، الدرس الخامس.
(٢) فتح الباري ٨/ ١٢٣، وكلام الحسن رحمه الله تعالى نقلا من نفس الموضع.
(٣) انظر: فتح الباري ٨/ ١٢٤.
(٤) أبلاه الله: أي أنعم عليه. فتح الباري لابن حجر ٨/ ١٢٣.