حَتَّى تهذب فِي النّظر وشاع ذكره ثمَّ خرج إِلَى الْحجاز وجاور بِمَكَّة أَربع سِنِين يدرس ويفتي وَيجمع طرق الْمَذْهَب وَيقبل على التَّحْصِيل إِلَى أَن اتّفق رُجُوعه بعد مُضِيّ نوبَة التعصب فَعَاد إِلَى نيسابور وَقد ظهر نوبَة ولَايَة السُّلْطَان ألب أرسلان وتزين وَجه الْملك بِإِشَارَة نظام الْملك واستقرت أُمُور الْفَرِيقَيْنِ وَانْقطع التعصب فَعَاد إِلَى التدريس وَكَانَ بَالغا فِي الْعلم نهايته مستجمعا أَسبَابه فبنيت الْمدرسَة الميمونة النظامية وأقعد للتدريس فِيهَا واستقامت أُمُور الطّلبَة وَبَقِي على ذَلِك قَرِيبا من ثَلَاثِينَ سنة غير مُزَاحم وَلَا مدافع مُسلم لَهُ الْمِحْرَاب والمنبر والخطابة والتدريس ومجلس التَّذْكِير يَوْم الْجُمُعَة والمناظرة وهجرت لَهُ الْمجَالِس وانغمر غَيره من الْفُقَهَاء بِعِلْمِهِ وتسلطه وكسدت الْأَسْوَاق فِي جنبه ونفق سوق الْمُحَقِّقين من خواصه وتلامذته وَظَهَرت تصانيفه وَحضر درسه الأكابر وَالْجمع الْعَظِيم من الطّلبَة وَكَانَ يقْعد بَين يَدَيْهِ كل يَوْم نَحْو من ثَلَاثمِائَة رجل من الْأَئِمَّة وَمن الطّلبَة وَتخرج بِهِ جمَاعَة من الْأَئِمَّة والفحول وَأَوْلَاد الصُّدُور حَتَّى بلغُوا مَحل التدريس فِي زَمَانه وانتظم بإقباله على الْعلم ومواظبته على التدريس والمناظرة والمباحثة أَسبَاب ومخايل ومجامع وإمعان فِي طلب الْعلم وسوق نافقة لأَهله لم تعهد قبله واتصل بِهِ مَا يَلِيق بمنصبه من الْقبُول عِنْد السُّلْطَان والوزير والأركان ووقور الحشمة عِنْدهم بِحَيْثُ لَا يذكر غَيره فَكَانَ
1 / 42