إِلَى اسْتِدْرَاك عَثْرَة مرا فِيهَا كالبرق الخاطف بِصَوْت مُطَابق كالرعد القاصف ينزف فِيهِ المبرزون وَلَا يدْرك شأوه المتشدقون المتفيهقون وَمَا يُوجد مِنْهُ فِي كتبه من الْعبارَات الْبَالِغَة كنه الفصاحة غيض من فيض مَا كَانَ على لِسَانه وغرفة من أمواج مَا كَانَ يعْهَد من بَيناهُ فتفقه فِي صباه على وَالِده ركن الْإِسْلَام فَكَانَ يرضى بطبعه وتحصيله وجودة قريحته وكياسة غريزته لما يرى فِيهِ من المخايل فخلفه فِيهِ من بعد وَفَاته وأتى على جَمِيع مصنفاته يقلبها ظهرا لبطن وَتصرف فِيهَا وَخرج الْمسَائِل بَعْضهَا على بعض ودرس سِنِين وَلم يرض فِي شبابه بتقليد وَالِده وَأَصْحَابه حَتَّى أَخذ فِي التَّحْقِيق وجد واجتهد فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف ومجالس النّظر حَتَّى ظَهرت نجابته ولاحت عَلَيْهِ مخايل أَبِيه وفراسته وسلك طَرِيق المباحثة وَجمع الطّرق بالمطالعة والمناظرة والمنافثة حَتَّى أربى على الْمُتَقَدِّمين وأنسى تَصَرُّفَات الْأَوَّلين وسعى فِي دين الله سعيا يبْقى أَثَره إِلَى يَوْم الدّين
وَمن ابْتِدَاء أمره أَنه لما توفّي أَبوهُ كَانَ سنة دون الْعشْرين أَو قَرِيبا مِنْهُ فَأقْعدَ مَكَانَهُ للتدريس فَكَانَ يُقيم الرَّسْم فِي
1 / 40