Fī adab Miṣr al-Fāṭimiyya
في أدب مصر الفاطمية
Genres
عرف الفاطميون بثراء دولتهم، وبذخهم الذي لا مثيل له بين ملوك الدول الأخرى، وأكثروا من استحداث الأعياد والمواسم، وافتنوا في إقامة حفلاتهم ومواسمهم، حتى يخيل إلى من يقرأ تاريخهم أن حياة مصر في ذلك العصر الزاهر كانت كلها أعيادا ومواسم، وكلها لهوا ومرحا، بالرغم مما كان في هذا العصر من سني شدة وقحط ضرب بها المثل، ولكن هذه الأيام العجاف لم تمنع الفاطميين من الاحتفال بأيامهم التي اتخذوها لأنفسهم أعيادا بجانب تلك الأعياد التي يتخذها باقي المسلمين، والأعياد التي يحييها مسيحيو مصر، ويشترك معهم فيها إخوانهم المسلمون. فكان الشعب في عصرهم يتظاهر بما يجلب السرور إلى نفسه، حتى لو كان ذلك عن طريق المجون وارتكاب المعاصي، وكانت الدولة تحتفل بهذه الأيام احتفالا يتناسب مع عظم ملكهم، واتساع سلطانهم، ووفرة خيراتهم وأموالهم، وقد تكون هذه المبالغة منهم في حياتهم لونا من ألوان التنافس السياسي بينهم وبين أعدائهم، فيقف أعداؤهم على هذه الحياة البهيجة الفرحة، والنفقات الطائلة؛ فيعلمون أنهم أمام دولة قوية غنية، فتضعف همتهم عن مهاجمتها.
أما هذه الأعياد التي استحدثوها في مصر؛ فقد روى المقريزي عن ابن الطوير المؤرخ: أن الفاطميين كانوا يحتفلون بستة موالد : مولد النبي
صلى الله عليه وسلم ، ومولد علي بن أبي طالب، ومولد فاطمة بنت الرسول، ومولد الحسن، ومولد الحسين، ومولد الخليفة الحاضر.
1
وفي فصل آخر من خطط المقريزي تحدث المؤلف عن الأيام التي كان الفاطميون يتخذونها أعيادا ومواسم، فقال: وكان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم، وهي موسم رأس السنة، وموسم أول العام، ويوم عاشورا، ومولد النبي
صلى الله عليه وسلم ، ومولد علي بن أبي طالب، ومولد الحسن، ومولد الحسين، ومولد فاطمة الزهراء، ومولد الخليفة الحاضر، وليلة أول رجب، وليلة نصفه، وليلة أول شعبان، وليلة نصفه، وموسم ليلة رمضان، وغرة رمضان، وسماط رمضان، وليلة الختم، وموسم عيد الفطر، وموسم عيد النحر، وعيد الغدير، وكسوة الشتاء، وكسوة الصيف، وموسم فتح الخليج، ويوم النوروز، ويوم الغطاس، ويوم الميلاد، وخميس العدس.
2
وأضاف إلى ذلك أيام حفلات صلاة الجمعة، فقد كان الخلفاء يركبون في كل سنة ثلاث ركبات لصلاة الجمعة بالناس في جامع القاهرة المعروف بالجامع الأزهر مرة، وفي جامع الحاكم مرة، وفي جامع عمرو بن العاص مرة، وينال الناس من الخليفة في هذه الجمع الثلاث رسوما وهبات وصدقات.
3
وأضاف أيضا أيام الركوبات التي كان فيها الخليفة يركب في كل يوم سبت وثلاثاء إلى متنزهاته بالبساتين والمناظر التي بنوها لنزهاتهم،
Unknown page