Fatima Zahra Wa Fatimiyyun
فاطمة الزهراء والفاطميون
Genres
نشأة وقار واكتفاء، وعلمت مع السنين أنها سليلة شرف لا منازع لها فيه من واحدة من بنات حواء فيمن تراه، فوثقت بكفاية هذا الشرف الذي لا يدانى، وشبت بين انطوائها على نفسها واكتفائها بشرفها كأنها في عزلة بين أبناء آدم وحواء.
سكنت هذه النفس القوية جثمانا يضيق بقوتها، وقلما رزق الراحة من اجتمع له النفس القوية والجثمان الضعيف، فإنهما مزيج متعب للنفس والجسم معا، لا قوام له بغير راحة واحدة: هي راحة الإيمان، وهذا هو التوفيق الأكبر في نشأة الزهراء، فإنها نشأت في مهد الإيمان؛ إذ هو ألزم ما يكون لها بين قوة نفسها ونحول جثمانها.
الفصل الثالث
زواجها
قال الزرقاني في شرح المواهب اللدنية: «إن عبد الله بن حسن دخل على هشام بن عبد الملك وعنده الكلبي، فقال هشام لعبد الله: يا أبا محمد! كم بلغت فاطمة من السن؟ قال: ثلاثين سنة. فقال الكلبي: خمسا وثلاثين. فقال هشام: اسمع ما يقول، وقد عني بهذا الشأن. فقال: يا أمير المؤمنين: سلني عن أمي وسل الكلبي عن أمه.»
وتوافق هذه الرواية روايات متعددة، اتفقت على أن الزهراء ولدت في سنة بناء الكعبة قبل البعثة المحمدية ببضع سنوات، فأصح الأقوال بين الأخبار المتضاربة أنها عليها السلام قد تزوجت وهي في نحو الثامنة عشرة.
ومن جملة الأخبار يتضح أن النبي عليه السلام كان يبقيها لعلي رضي الله عنه؛ فقد خطبها أبو بكر وعمر، فردهما وقال لكل منهما: أنتظر بها القضاء، أو قال: إنها صغيرة كما جاء في سنن النسائي.
وفي أسد الغابة أنها لما خطبها أبو بكر وعمر وأبى رسول الله قال عمر: «أنت لها يا علي!» فقال علي: «ما لي من شيء إلا درعي أرهنها»، فزوجه رسول الله فاطمة، فلما بلغ ذلك فاطمة بكت، ثم دخل عليها رسول الله فقال: «مالك تبكين يا فاطمة! فوالله لقد أنكحتك أكثرهم علما وأفضلهم حلما وأولهم سلما.»
وفي رواية أن عليا لما سأله النبي: «هل عندك من شيء؟» قال: «كلا». فقال له: «وأين درعك الحطمية؟» أي التي تحطم السيوف، وكان النبي قد أهداه إياها، فباعها وباع أشياء غيرها كانت عنده، فاجتمع له منها أربعمائة درهم.
جاء في أنساب الأشراف للبلاذري: «فباع بعيرا له ومتاعا فبلغ من ذلك أربعمائة وثمانين درهما، ويقال: أربعمائة درهم، فأمره أن يجعل ثلثها في الطيب وثلثها في المتاع ففعل.»
Unknown page