Fath Carab Li Misr
فتح العرب لمصر
Genres
19
الذي ولي بعد حنا بطرقة الملكانية قد أقام في الإسكندرية أم لم يقم؛ وعلى ذلك فأغلب الظن أن العلاقة بين الاثنين لم تكن ذات شأن عند ذلك.
وليس من المجدي أن نأسف لأن أمثال هذه الأخبار المفصلة عن الكنيسة، والتي لا تلذ كثيرا للقارئ، هي جل ما بقي من تاريخ مصر في السنوات الخمس أو الست التي جاءت بعد ثورة هرقل، ولكن قد آن لنا أن نخرج من هذه الترهات إلى السبيل الواضح، فنرى ما كانت تتجاوب به الأنحاء الشرقية من الدولة من جليل الحوادث التي بلغ صداها جوانب النيل. وكان قد جرى القضاء بأن تزعزع قوة الرومانيين في مصر وتصدع جدرانها، فتمهد بذلك السبيل إلى الفتح العربي، ولكن النضال الذي كان بين إمبراطورية الرومان ودولة الفرس كان شائعا في ميدان فسيح. وإذا أردنا أن نعرف أثره في مصير مصر كان علينا أن نسير وراء حوادثه وتقلبات أحواله، ولو كان ذلك إلماما غير مفصل.
الفصل السادس
فتح الفرس للشام
خرج الثائر الغاصب «بهرام» على كسرى حفيد «أنوشروان» ملك الفرس العظيم بعد ولايته بأيام قلائل، وطرده من بلاده، فهرب مع عميه، وعبروا دجلة، وقطعوا أطناب القنطرة التي اجتازوا عليها حتى لا يلحق بهم أحد من ورائهم،
1
ثم سار كسرى إلى «قرقيسيا» على نهر الفرات ينوي أن يؤدي الصلاة في مشهد من مشاهد النصارى، يسأل الله أن يخلصه من أعدائه؛ ومن ثم يقال إنه ضرب في الأرض خائر العزيمة، كسيف البال، لا يدري أيحتمي بالهون أم بالروم؛ فرمى أعنة فرسه على غاربه وجعل الحكم للقضاء،
2
فحمله فرسه إلى حدود الروم، فنزل ضيفا على القوم الذين ظلت بلاده في حرب مستعرة معهم نحو سبعة قرون.
Unknown page