Fath Carab Li Misr
فتح العرب لمصر
Genres
بقيت مصر وفيها بطريقان للمذهبين مدة، وكانت خطة هرقل في مبدأ أمره أن يوفق بين هذين المذهبين العظيمين اللذين اقتسما أتباع الدين المسيحي في مصر، ولكن لم يستطع رئيس الدين القبطي أن يبقى في العاصمة؛ فقد كانت العداوة بين الشيعتين، وإن خمدت، تتقد في خفاء، ويندلع منها اللهب إذا ما هب عليها أضعف ريح من الفتنة. ورأت الحكومة أن من الحكمة التفريق بين رئيسي الدين حتى لا يبقى المتنافسان معا في العاصمة؛
15
فإن «أنستاسيوس» مثلا عندما جاء إليه بطريق أنطاكية كان مقيما في دير «الهانطون»، وهو دير شهير على الساحل على نحو تسعة أميال إلى غرب الإسكندرية؛
16
ومن ثم خرج في موكب مهيب للقاء ضيفه.
17
وكذلك لم يذهب إلى الإسكندرية، بل أرسل يطلب قسوسه منها، وعقد في الدير مجمعا أسفر عن رجوع الاتفاق والاتصال بكنيسة أنطاكية.
ولكن أندرونيكوس خليفة «أنستاسيوس» شذ عن هذه السنة، سنة ترك الإقامة بالإسكندرية؛ فقد كان عند انتخابه شماسا في كنيسة «أنجيليون»
18
بالإسكندرية، فبقي هناك مقيما في صومعته المتصلة بالكنيسة مدة ولايته، وكانت ست سنوات. والسبب في أنه لم يبعد عن الإسكندرية هو أنه كان من أسرة عريقة، وكان له قوم من أقاربه بين حكام المدينة يمنعونه ويعتز بهم. ولسنا ندري كيف كانت العلاقة بين البطريقين. على أن «حنا الرحوم» مات بعد أشهر قليلة من ولاية «أندرونيكوس» رئاسة الدين في القبط. ولسنا نعرف على وجه التأكد ما إذا كان جورج
Unknown page