Fak Fi Tarikh
فدك في التاريخ
Genres
ولما اختمرت الفكرة في ذهن فاطمة اندفعت لتصحح أوضاع الساعة وتمسح عن الحكم الأسلامي الذي وضعت قاعدته الاولى في السقيفة الوحل الذي تلطخ به، عن طريق اتهام الخليفة الحاكم بالخيانة السافرة، والعبث بكرامة القانون، واتهام نتائج المعركة الانتخابية التي خرج منها أبو بكر خليفة بمخالفة ا لكتاب والصواب (1). وقد توفرت في المقابلة الفاطمية ناحيتان لا تتهيئان للأمام فيما لو وقف موقف قرينته. (إحداهما) إن الزهراء أقدر منه بظروف فجيعتها الخاصة ومكانتها من أبيها، على استثارة العواطف، وإيصال المسلمين بسلك من كهرباء الروح بأبيها العظيم صلوات الله عليه وأيامه الغراء وتجنيد مشاعرهم لقضايا أهل البيت. (والاخرى) إنها مهما تتخذ لمنازعتها من أشكال فلن تكتسب لون الحرب المسلحة التي تتطلب زعيما يهيمن عليها ما دامت امرأة وما دام هارون النبوة في بيته محتفظا بالهدنة التي أعلنها حتى تجتمع الناس عليه ومراقبا للموقف ليتدخل فيه متى شاء، متزعما للثورة إذا بلغت حدها الأعلى أو مهدثا للفتنة إذا لم يتهيأ له الظرف الذي يريده. فالحوراء
---
(1) راجع الصواعق المحرقة: 36، طبعة مكتبة القاهرة، قال الخليفة الثاني: (كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها فمن عاد لمثلها فاقتلوه...).
--- [115]
Page 114